للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمبشرات في فعله وتركه، والأسباب الحاملة على تركه، ويأخذ ذلك من العلماء الربانيين؛ فإنه لا تتخلف عنه الإعانة على تركه، وعلى ما فيه من التوفيق والتسديد، ويحصل له من الأعمال أفضلها لا مكروهاتها، وهذا مع المداومة يتيح له منه الخير الكثير والدرجات العالية الرفيعة إلى ما لا يحصى، وقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "يا مقلِّبَ القلوبِ! ثَبِّتْ قلبي على ديِنك" (١)، "يا مُصَرِّفَ القلوبِ! صَرِّفْ قلبي على طاعتِكَ" (٢)، والله أعلم.

ومنها: أن المحرم إذا حرم، حرم عليه جميع ما يتعلق به مما هو سبب إلى تحليله؛ فإنه - صلى الله عليه وسلم - دعا على اليهود؛ حيث أذابوا الشحوم، وباعوها، وأكلوا ثمنها؛ لأن تحريم الشحوم عليهم لذات الشحوم، لا لوصفها؛ فإن التحريم للوصف يزول بزواله.

ألا ترى أنه - صلى الله عليه وسلم - لما قال لعاثشة - رضي الله عنها -: "هل عندكِ من شيء؟ " قالت: ما عندي إلا لحم تُصدق به على بَريرة، وأنت لا تأكل الصدقة؛ حيث هي محرمة عليك، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "هو عليها صدقةٌ، ولنا هديةٌ" (٣)، لما تغير الوصف من الصدقة إلى الهدية، صار حلالًا؛ بخلاف المحرم لعينه، والله أعلم.

* * *


(١) رواه الترمذي (٢١٤٠)، كتاب: القدر، باب: ما جاء أن القلوب بين إصبعي الرحمن، وابن ماجه (٣٨٣٤)، كتاب: الدعاء، باب: دعاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والإمام أحمد في "المسند" (٣/ ١١٢)، عن أنس - رضي الله عنه -.
(٢) رواه مسلم (٢٦٥٤)، كتاب: القدر، باب: تصريف الله تعالى القلوب كيف شاء، عن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما -.
(٣) رواه البخاري (٤٨٠٩)، كتاب: النكاح، باب: الحرة تحت العبد، ومسلم (١٠٧٥)، كتاب: الزكاة، باب: إباحة الهدية للنبي - صلى الله عليه وسلم -.

<<  <  ج: ص:  >  >>