واعلم أن الخزرج والأوس هما ابنا حارثةَ بنِ ثعلبةَ العنقاء بنِ عمرِو مزيقياء بنِ عامرِ ماءِ السماء بنِ حارثةَ الغطريفِ بنِ امرئِ القيسِ بنِ ثعلبةَ بنِ مازنِ بنِ الأزدِ بنِ الغوث بن نَبْتِ بنِ مالكِ بنِ زيدِ بنِ كهلانَ بنِ سبأ بنِ يشجبَ بنِ يعربَ بنِ قحطانَ بنِ عامرِ بنِ شالخِ بنِ أرفخشذَ بنِ سامِ بنِ نوحٍ - صلى الله عليه وسلم -.
وقحطانُ أصلُ العرب، وهو يقطن، وقيل: يَقْظَانَ، وسمّي قحطانَ؛ لأنه كان أولَ مَنْ تجبَّر وظلمَ وقحطَ أموالَ الناس من ملوك العرب -والله أعلم-.
وأمَّا ألفاظُه:
فقد ذكر المصنف الغائطَ والمراحيضَ، والشَّأم مهموزٌ، ويجوز تسهيلُه، ويقال: الشآم -بالمد- في لغة قليلة، وهو مذكَّر، وقد يؤنثُ، فيقال: الشامُ مباركٌ ومباركة، وسمِّي به لأن سامَ بنَ نوح سكنه أولًا، فَعُرِّبَ بالشين، وقيل: لكثرة قراه، ودنوِّ بعضِها من بعض؛ كالشَّامات، وقيل: لأن بابَ الكعبة مستقبلٌ مَطْلِعَ الشَّمس، فمن استقبلَه كان اليمنُ عن يمينه، والشَّام عن شماله، وهي الشُّومى، فسمِّيا بذلك، وحَدُّهُ في الطول من العريش إلى الفرات، وقيل: إلى بالس، وفي العرض، قال السمْعَاني: هو بلاد بين الجزيرة والغور إلى السَّاحل، وهو أفضلُ البقاع بعد مكة والمدينة، وقد بارك الله تعالى فيه -والله أعلم-.
وقوله:"قَدْ بُنِيَتْ": يعني: في الجاهلية، وبناؤها نحو الكعبة ليس قصدًا لها، ولا لقبلة أهل الشام إذْ ذاكَ، وهي بيتُ المقدس، وإنما هو مجرد جهل ومُصادفة.
والمراد بالقبلةِ المنهيِّ عن استقبالِها واستدبارِها: الكعبةُ، فعلى هذا يكون الألف واللام فيها للعهد، ولا يجوزُ أَنْ تكونَ للجنس، وإن كان وردَ النهيُ عن استقبالِ بيتِ المقدسِ في "سنن أبي داود" وابن ماجَهْ، و"مسند أحمد بنِ حنبل"، من رواية مَعْقِلِ بنِ أبي معقل الأسدي - رضي الله عنه -، بإسناد حسن؛ لأن النَّهي فيه إنما هو في استقباله فقط، ولفظُه: نَهى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أَنْ نستقبلَ القبلتين ببولٍ أو بغائطٍ (١)، ولأن القبلةَ عندَ الإطلاقِ تُصرَفُ إلى الكعبة في
(١) رواه أبو داود (١٠)، كتاب: الطهارة، باب: كراهية استقبال القبلة عند قضاء الحاجة، وابن=