كأن السيد ألزم نفسه عتق العبد عند الأداء، وكان العبد ألزم نفسه الأداء للمال الذي كاتبا عليه.
وأما الأواق والأوقية: فتقدم الكلام عليها في الزكاة، ومقدار التسع الأواقي ثلاث مئة وستون درهمًا شرعًا.
وأما الإشكالات على الحديث، ففي مواضع:
الأول: أنه - صلى الله عليه وسلم - أمر عائشة بأخذ بريرة من مواليها، واشتراط الولاء لهم، وجهه: أن يقال: كيف أذن النبي - صلى الله عليه وسلم - في البيع على شرط فاسد؟ وكيف يأذن لهم في وقوع البيع على هذا الشرط، ويدخل البائع عليه، ثم يبطل اشتراطه؟ وفي ذلك نوع خداع من عائشة لهم في ذلك، ولذلك أنكر بعض العلماء هذا الحديث، وهو منقول عن يحيى بن أكثم؛ فإنه أنكر لفظة قوله - صلى الله عليه وسلم -: "اشْتَرِطي لَهُمُ الوَلاَء"، وجعلها ساقطة من الحديث، ونقل عن الشافعي -رحمه الله تعالى- أنه قال: هذه اللفظة تفرَّدَ بروايتها هشام بن عروة، عن أبيه دون غيره من الثقات الأثبات، فإنهم لم يثبتوها، والذي قاله الأكثرون من الفقهاء والمحدثين: قبول مثل هذا، وإثبات هذه اللفظة، ثم تأولوها، [و] خرَّجوها على وجوه كثيرة صحيحة، وبعضها فيه ضعف:
أحدها: أن قوله: "اشترطي لهم"؛ أي: عليهم؛ كقوله تعالى:{وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ}[غافر: ٥٢] بمعنى: عليهم، وقوله تعالى:{وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا}[الإسراء: ٧]؛ أي: فعليها، ونقل ذلك عن الشافعي، والمزني، وغيرهما، وهو ضعيف؛ حيث أنكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليهم الاشتراط، وأقر عائشة - رضي الله عنها - على فعلها، وقال:"إنَّما الوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ"، ولأن اللام لا تدل بوضعها على الاختصاص النافع، بل على مطلق الاختصاص، وإذا دلت على المطلق، لم يبقَ فيها دليلٌ عليه، ولا على غيره؛ لأنه قد يكون، وقد لا يكون.
الثاني: أن يكون الاشتراط المذكور بمعنى ترك المخالفة لما شرطه البائعون، وعدم إظهار النزاع فيما دعوا إليه؛ مراعاة لمصلحة الشرع في العتق.