للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما الخِطبة؛ فهي بكسر الخاء، وأما الخُطبة في الجمعة، والعيد، والحج، وغير ذلك، وبين عقد النكاح، فبضمِّها.

وتصرف الفقهاء في معنى التحريم للخطبة ووقته، ومن تحرم الخطبة عليه.

أما التحريم، فلا يكون إلا بعد التراكن والتوافق بين الخاطب والمخطوب إليه.

وأما المعنى الذي حرم لأجله الخطبة، فهو: وقوع العداوة والبغضاء المانعين من التقوى، الحاملين على القطيعة، وعدم المواصلة التي لا تقوم مصلحة الدِّين والدُّنيا إِلَّا بها.

وأما وقته: فهو بعد التراكن الذي ذكرنا، ولا يمتنع قبله؛ نظرًا إلى المعنى الذي لأجله حرمت الخطبة.

وأما ما تحرم عليه الخطبة؛ فخصصه الخطابي بالمسلم، وقال: هو ظاهر الحديث، فإن كان كافرًا، فلا تحريم، وبه قال الأوزاعي.

وقال جمهور العلماء: تحرم الخطبة على تحريم خطبة الكافر -أيضًا-، ولهم أن يجيبوا عن الحديث بأن التقييد بأخيه خرج على الغالب، فلا يكون له مفهوم يعمل به، كما في قوله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ} [الأنعام: ١٥١]، وقوله تعالى: {وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ} [النساء: ٢٣]، ونظائره.

وأما الفاسق فظواهر الأحاديث وإطلاقها، ومفهوم قول جمهور العلماء في تحريم الخطبة على خطبة الكافر: أنه تحرم الخطبة على خطبته، وقال ابن القاسم المالكي: تجوز الخطبة على خطبة الفاسق، فلو كان الخاطب الأول فاسقًا، والثاني صالحًا، لم يندرج تحت النهي.

واعلم أن مذهب الشافعي - رحمه الله -، وغيره من العلماء: أنه إذا ارتكب النهي، وخطب على خطبة أخيه، لم يفسد العقد، ولم يفسخ؛ لأن النهي مجانب لأجل العداوة والبغضاه، وذلك لا يعود على أركان العقد وشروطه بالاختلال،

<<  <  ج: ص:  >  >>