الأمرين، فعلى هذا: لا ربا في البطيخ والسفرجل ونحوه، مما لا يكال ولا يوزن.
وأجمع المسلمون في جواز بيع الربوي بالربوي الذي لا يشاركه في العلة متفاضلًا ومؤجلًا؛ كبيع الذهب بالحنطة، وبيع الفضة بالشعير وغيره من المكيل، وأجمعوا على أنه لا يجوز بيع الربوي بجنسه وأحدُهما مؤجل، وعلى أنه لا يجوز التفاضل إذا بيع بجنسه حالًا؛ كالذهب بالذهب، وعلى أنه لا يجوز التفرق قبل التقابض إذا باعه بجنسه أو بغير جنسه مما يشاركه في العلّة؛ كالذهب بالفضة، والحنطة بالشعير، وعلى أنه لا يجوز التفاضل عند اختلاف الجنس، إذا كان يدًا بيدٍ؛ كصاع حنطة بصاعي شعير، ولا خلاف بين العلماء في شيء من هذا، إلا ما يروى عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في تخصيص الربا في النسيئة.
قال العلماء: إذا بيع الذهب بذهب، أو الفضة بفضة، سميت: مراطلة، وإذا بيعت الفضة بذهب، سُمِّي: صرفًا، وإنما سُمِّي صرفًا؛ لصرفه عن مقتضى البياعات، من جواز التفاضل وعدم التفرق قبل القبض والتأجيل، وقيل: من صريفهما، وهو تصويتهما في الميزان، والله أعلم.
وتقدم أن: التحيُّل على الخلاص من المحرم، والوقوعِ فيه، مطلوبٌ للشرع، وقد حصلت تصرفات ليست من الربا في شيء، التبسها الجهال بعلم الشريعة، وجعلوها من المعاملات الربويات؛ تنطعًا وجهلًا، فإن قصد بها التحيل على الوقوع فيه، من غير أن تكون صورته صورة العقود المحرمة في الربا، فقد اختلف العلماء في ذلك وصحته، مع اتفاقهم على كراهة التنزيه فيه الشديدة؛ لأجل ما قصد به، فقال جماعة: وهو صحيح، وبالغ بعضهم فقال: هو مثاب عليه لأجل التنفيس عن الناس بإعانتهم بهذه الطريق، وهذا لو تجرد عن قصد التحيل على الربا، كان صحيحًا؛ لأنّ المقاصد الأخروية غير مقابلة بشيء من أمور الدنيا الجائزة وغيرها، بل هي مقابلة بثواب الآخرة شرعًا.
وهذا بالنسبة إلى ما يتعلق بأحكام المكلفين، وأما بالنسبة إلى أفعال الله