إنه منتقل في أصله عن الواقف، تقرُّبًا إلى الله تعالى بلفظ يدل عليه؛ كلفظ التحبيس المذكور في الحديث.
وأما قوله:"فَتَصَدَّقَ بِهَا"، فهو راجع إلى الاحتمالين المذكورين، إن جعلناه بيانًا للتحبيس، وخبرًا عن معنى الوقف، فلا يحتاج إلى قرينة، ولا إلى نية، بل يكون بمجرده؛ كالتحبيس والتسبيل، وإن لم يجعله كذلك، احتاج إلى لفظ يقترن به، يدلُّ عليه؛ كقولنا: صدقة مؤبدة محرمة، أو لا تُباع ولا تُوهَب، لكن الفقهاء قالوا: لما كان لفظ الصدقة يحتمل الوقف، ويحتمل صدقة التطوع، قالوا: لا بد من نية أو لفظ يدل عليه، ويكون قوله:"لا يباع" إلى آخره إرشادًا إلى شرطه في الوقف، فيكون ثبوته بالشرط لا بالشرع.
وقولُه:"قالَ: فَتَصدَقَ بِهَا عُمَرُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- في الفقراء" إلى آخره؛ المصارف التي ذكرها: مصارف خير وقربة، فهي جهة الأقارب، فلا بدَّ أن يكون معناها معلومًا، فلا يوقف على ما ليس بقربة من جهات العامة، ولا ما يكون مصرفه مجهولًا غير معلوم.
والمراد "بالقُرْبى": قربى عمر - رضي الله عنه - ظاهرًا.
"وفي الرِّقَابِ": إما الكتابة، وإما العتق، على ما هو مذكور في الزكاة.
"وفي سَبيلِ اللهِ": الجهاد عند الأكثرين، ومنهم من عداه إلى الحجِّ وكل قربة.