والثاني: تشبيه المرجوع فيه بالقيء، وكل منهما قذر نجس محرم، ثم وقوع التشبيه بالكلب -وهو غير مكلف- يقتضي عدم تشبيه العود بالهبة بالحرمة، فيكون التشبيه وقع بأمر مكروه في الطبيعة؛ لتثبت به الكراهة في الشريعة، وبذلك تمسَّك أبو حنيفة في جواز رجوع الأجنبي في الهبة.
وفي الحديث أحكام:
منها: الإعانة على الغزو بكل شيء، حتى بتملك فرس.
ومنها: أنه يملكه من أعطيه.
ومنها: جواز بيع الفرس ممن أعطيه، والانتفاع بثمنه.
ومنها: منع من تصدق بشيء، أو أخرجه في زكاةٍ أو كفارةٍ أو نذرٍ، ونحو ذلك من القربات، أن يشتريه ممن تصدق به عليه، أو يَتَّهبه، أو يتملكه باختياره منه، فلو ورثه منه، فلا منع منه، ولا كراهة فيه، وكذا التمليك لو انتقل إلى ثالث، ثم اشتراه منه المتصدق، فلا كراهة، وهذا مذهب الشافعي وجمهور العلماء؛ أن المنع للتنزيه، وقال جماعة من العلماء: النهي عن ذلك للتحريم.
ومنها: تحريم الرجوع في الهبة، وفي معناه الرجوع في الصدقَة، وإنما يحرُم الرجوع فيهما بعد [إقباضهما]، والحديث عامٌّ في كل هبة، لكنه مخصوص بجواز رجوع هبة الوالد لولده، وأن ينتقل؛ لحديث النعمان بن بشير - رضي الله عنهما - الآتي، ولا رجوع في هبة الإخوة والأعمام وغيرهم من ذوي الأرحام، وكل هذا مذهب الشافعي، ومالك، والأوزاعي، وقال أبو حنيفة وآخرون: يرجع كل واهب في هبة الأجنبي، إلا الوالد، وكل ذي رحم محرم، والله أعلم، واتفقوا على كراهية الرجوع مطلقًا، تنزيهًا، لا تحريمًا.