للنبي - صَلَّى الله عليه وسلم -، والذي جعل لهم صرفًا بعض ماله لينتفعوا به على أنه على حقيقة المعاملة، وهذا يتوقف على أن أهل خيبر استرقُّوا؛ فإنّه ليس بمجرد الاستيلاء يحصل الاسترقاق للبالغين.
وفي هذا الحديث دليل: على جواز المساقاة في الجملة، واختلفوا فيما يجوز من الأشجار، فقال داود: يجوز على النخل خاصة، وكأنه رأى المساقاة رخصة، فلم يتعدها إلى غير المنصوص عليه، وقال الشَّافعي: يجوز على النخل والعنب، فوافق داود في الرخصة، لكن قال: حكمُ العنب حكم النخيل في معظم الأبواب، وقال مالك - رحمه الله -: سبب الجواز الحاجة والمصلحة، وهذا يشمل جميع الأشجار، فيقاس عليها، والله أعلم.
وفيه دليل: على وجوب بيان الجزء المساقى عليه؛ من نصف وربع وغيرهما من الأجزاء المعلومة، فلا يجوز على مجهول؛ كقوله:"على أن لك بعض الثمرة"؛ فإن النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - عاملهم على الشطر، والشطر معلوم، إما بالنصف، وإما بالجزء المعلوم، واتفق المجوزون للمساقاة على جوازها بما اتفق المتعاقدان عليه من قليل أو كثير.
وفيه دليل: على جواز المزارعة، تبعًا للمساقاة، وهو مذهب الشَّافعي والأكثرين؛ كقوله:"مِنْ ثَمَرٍ أَوْ زَرْعٍ"، فإن كانت المزارعة عندهم لا تجوز منفردة، فتجوز تبعًا للمساقاة، فيساقيه على النخيل، ويزارعه على الأرض كما جرى في خيبر.
وقال مالك: لا تجوز المزارعة، لا منفردة، ولا تبعًا، إلَّا ما كان من الأرض بين الشجر.
وقال أبو حنيفة وزفر: المزارعة والمساقاة فاسدتان، سواء جمعهما، أو فرقهما، ولو عقدتا، فسختا.
وقال ابنُ أبي ليلى، وأبو يوسف، ومحمد، وسائر الكوفيين، وفقهاء المحدثين، وأحمد، وابن خزيمة، وابن شريح، وآخرون: تجوز المساقاة