فارس، أمَّره عمر - رضي الله عنه - على ذلك، ففتح الله على يديه أكثر فارس، وله كان فتح القادسية وغيرها، وكان أميرًا على الكوفة، فشكاهُ أهلُها، ورموه بالباطلِ، فدعا على الذي واجهه بالكذب عليه دعوةً ظهرتْ إجابتها، وعزلَهُ عمرُ حين شكاهُ أهلُ الكوفة في سنة إحدى وعشرين، وولى عمارَ بنَ ياسر الصلاةَ، وعبدَ الله بنَ مسعود بيتَ المال، وعثمانَ بن حُنيف مساحةَ الأرضين، ثم عزل عمارًا، وأعاد سعدًا على الكوفة ثانية، ثم عزله، وولى جبيرَ بنَ مطعم، ثم عزله قبل أن يخرج إليها، وولَّى المغيرةَ بن شعبة، فلم يزل عليها حتَّى قتل عمر، فأقره عثمانُ يسيرًا، ثم عزله، وولى سعدًا، ثم عزله، وولى الوليد بنَ عقبة.
وقيل: إن عمر لما أراد أن يعيد سعدًا - رضي الله عنه - على الكوفة، أبي عليه، وقال: أتأمرني أن أعود إلى قوم يزعمون أني لا أحسن أصلي؟! فتركه، فلما طُعن عمرُ - رضي الله عنه -، وجعله أحدَ أصحاب الشورى، قال: إنْ وليها سعدٌ، فذاك؛ وإلا فليستعنْ به الوالي؛ فإني لم أعزلْه عن عجزٍ، ولا خيانة.
وكان سعد ممن قعد ولزم بيته في الفتنة، وأَمَر أهله أَلَّا يخبروه من أخبار النَّاس بشيء حتَّى تجتمع الأمةُ على إمامِ، وسئل عليّ بن أبي طالب - رضي الله عنه - عن الذين قعدوا عن بيعته، فقال: أولئك قوم خذلوا الحق، ولم يبصروا الباطل.
رُوي له عن رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم - مئتا حديث، وسبعون حديثًا، اتفقا على خمسة عشر منها، وانفرد البُخاريّ بخمسة، ومسلم بثمانية عشر، وروى عنه من الصحابة: ابن عمرو، وابن عباس، وجابر بن سمرة، والسائب بن يزيد، وعائشة أم المؤمنين -رضي الله عنهم-، ومن التابعين: أولاده: محمد، وإبراهيم، وعامر، ومصعب، وابن المسيب، وأبو عثمان النهدي، وإبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، وخلق كثير سواهم، ورى له أصحاب السنن والمساند، مات بقصره بالعقيق، على عشرة أميال من المدينة، وحُمل على أعناق الرجال إلى المدينة، ودُفن بالبقيع، وصلى عليه مروان بن الحكم.