جبل، ومعاوية، وسعيد بن المسيب، وروي عن إسحاق بن راهويه، وروي خلاف فيه عن أبي الدرداء، والشعبي، والزهري، والصحيح عن هؤلاء يقول الجمهور، واحتجَّ من قال بإرثه من الكافر بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "الإسلام يعلو ولا [يعلى] عليه"(١). ومن علوه إرثُ المسلم من الكافر دون عكسه، وكأنهم لمَّا رأوا أن الشرع جوز نكاح المسلم الكافرة الكتابية، قالوا بجواز إرثه من الكافر.
وتأوله الجمهور على مجرد فضل الإسلام على غيره من الأديان دون غيره من الأحكام؛ كإرث وغيره؛ لوجود التصريح في الحديث -نصًّا- بعدم إرث المسلم من الكافر، فتعين المصير إلى التأويل، كيف ومن قال بإرثه لعلَّه لم يبلغه الحديث، والقياس لا يعارض النصَّ، والله أعلم.
وهذا الذي ذكرناه في الكافر الأصلي، أما المرتدُّ: فلا يرث المسلم إجماعًا، وهل يرثه المسلم؟ قال الإمام الشَّافعي، وربيعة، ومالك، وابن أبي ليلى، وغيرهم: لا يرثه، بل يكون ماله فيئًا للمسلمين، وقال أبو حنيفة، والكوفيون، والأوزاعي، وإسحاق: يرثه ورثته من المسلمين، وروي ذلك عن عليّ، وابن مسعود، وجماعة من السلف، لكن قال الثوري وأبو حنيفة: ما كسبه في ردَّته فهو للمسلمين، وقال آخرون: الجميع لورثته المسلمين.
أما توريث الكفار بعضهم من بعض؛ كاليهودي من النصراني، وعكسه، والمجوسي منهما، وهما منه، فقال الشَّافعي، وأبو حنيفة، وآخرون: يرث بعضهم من بعض، لكن قال الشَّافعي: لا يرث حربيٌّ من ذميٍّ، ولا ذميٌّ من حربيٍّ، ومنع إرث بعضهم من بعض مطلقًا مالكٌ، وقال أصحاب الشَّافعي: لو كانا حربيين في بلدين متجاورين، لم يرثا، والله أعلم.
* * *
(١) رواه الروياني في "مسنده" (٧٨٣٦)، والدارقطني في "سننه" (٣/ ٢٥٢)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٦/ ٢٠٥)، والديلمي في "مسند الفردوس" (٣٩٥)، والضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" (٨/ ٢٤٠)، عن عائذ بن عمرو المزني - رضي الله عنه -.