للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تزولُ به أو تضعفُ، فيكون (أفعل) فيهما على بابها، ووجود كثرتها في بعض الأشخاص بمباشرة الفعل نادر، والأحكام تناط بالغالب.

وقولُه - صلى الله عليه وسلم -: "فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ"؛ اختلف النحاة في جواز الإغراء بالغائب، فمنعه بعضهم، وهذا الحديث حجة عليهم.

وفي هذا الحديث أحكام:

منها: مراعاة الشهوات وحظوظ النفوس؛ بحيث لا تقدم على أحكام الشرع، بل تكون مقيدة بها، غير مطلقة.

ومنها: الأمر بالنكاح لمن استطاعه وتاقت إليه نفسه، أَمًا من لم يستطعه ولم تَتُقْ إليه نفسه، فهو مكروه في حقه، وظاهر الأمر للمستطيع الوجوب.

وقد قسم بعض الفقهاء النكاح إلى أحكام الشرع الخمسة؛ وهي: الوجوب، والندب، والتحريم، والكراهة، والإباحة، وجعل الوجوب فيما إذا خاف العنت، وقدر على النكاح، وكلامه محمول على تعذر التسري؛ فإن النكاح حينئذ يتعين وجوبه؛ للتعذر، لا بأصل الشرع.

والأمر بالنكاح مجمع عليه، لكنه عند الشافعية وجمهور العلماء أمر ندب لا إيجاب، فلا يلزم عندهم التزوج ولا التسري، سواء خاف العنت أم لا، وأوجبه داود الظاهري، ومن وافقه من الظاهرية، والإمام أحمد في رواية عنه؛ فإنهم قالوا: يلزمه إذا خاف العنت: أن يتزوج أو يتسرى، وقالوا: لا يلزمه في العمر إلا مرة واحدة.

وقال أهل الظاهر: يلزمه التزوج فقط، ولا يلزمه الوطء، ولم يشترط بعض من قال بوجوبه خوف العنت، وتمسكوا بظاهر الأمر به في هذا الحديث وغيره من الأحاديث، مع قوله تعالى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: ٣]، وغير ذلك من الآيات، لكن تخييره - سبحانه وتعالى - في آخر الآية بقوله: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: ٣]؛ فإنه دال على التخيير بين النكاح والتسري، والتسري غير واجب بالاتفاق.

<<  <  ج: ص:  >  >>