وأخت الأب، والمجازية: كأخت أبي الأب، أو أب الجد وإن علا، وأخت أم الأم، وأم الجدة من جهتي الأم والأب وإن علت، فكلهنَّ يحرم نكاحهنَّ بصفة الجمع، بإجماع العلماء، وجوَّزه جماعة من الخوارج والشيعة.
ولا شك أن تحريم هذا الجمع مما أخذ من السنَّة؛ إذ هي مبينة للكتاب؛ لقوله تعالى:{وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ}[النحل: ٤٤].
وإطلاق الكتاب العزيز، يقتضي إباحته؛ لقوله تعالى:{وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ}[النساء: ٢٤] بعد تحريمه تعالى نكاح الأختين جمعًا؛ بقوله تعالى:{وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ}[النساء: ٢٣] ما يقتضي ذلك الإباحة مجردًا عن بيان السنة.
لكن الأمة خصت عموم الكتاب بخبر الواحد، وهو قول جمهور الأصوليين، ثم إن ظاهر الحديث يقتضي التسوية بين الجمع بينهما على صفة المعية، والجمع على صفة الترتيب.
لكن النهي إذا ورد، كان وروده على مسمى الجمع، مع حمله على الفساد، فيقتضي أنه إذا نكحهما معًا: أن النكاح باطل؛ حيث إنه حصل فيه الجمع المنهي عنه، فيفسد، وإن حصل الترتيب، فالثاني هو الباطل؛ لأن مسمى الجمع حصل به, كيف وقد روى أبو داود في "سننه" صحيحة: "ولا تُنكحُ الكبرى على الصغرى، ولا الصغرى على الكبرى"(١)، وذلك مصرح بجمع الترتيب، والعلَّة في النهي عنه ما يقع بسببه المضارةُ من التباغض والتنافر، فيؤدي ذلك إلى قطيعة الرحم، وقد ورد إشعار بهذه العلة.
وأما الجمع بينهما بملك اليمين، فهو حرام عند العلماء كافة، ومباح عند
(١) رواه أبو داود (٢٠٦٥)، كتاب: النكاح، باب: ما يكره أن يجمع بينهن من النساء، والترمذي (١١٢٦)، كتاب: النكاح، باب: ما جاء: لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها، والإمام أحمد في "المسند" (٢/ ٤٢٦)، وابن حبان في "صحيحه" (٤١١٨)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٧/ ١٦٦)، وغيرهم.