الشيعة، وقالوا: وتحريم الجمع في الأختين في الآية الكريمة، إنما هو في النكاح. وقاس العلماء الجمع بينهما بملك اليمين على النكاح، وقاسوا الجمع بين المرأة وعمتها، وبينها وبين خالتها بملك اليمين على الأختين.
واختصاص الجمع بين المذكورات كلهن بالنكاح غير مقبول، بل جميع المذكورات في الآية الكريمة محرمات بالنكاح وبملك اليمين جميعًا، ويدل على ذلك قوله تعالى:{وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إلا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ}[النساء: ٢٤]؛ فإن المراد بالمحصنات: المزوجات، وبملك اليمين: كل ملك حصل ببيع أو شراء أو بسبي ونحو ذلك، فإنه لا يجوز وطؤهن بالنكاح، بل بملك اليمين، بعد الاستبراء.
فلو أراد وطأهن بالنكاح، لم يجز إلا بعد عتقهن، أو مع عدم طول حرة، وألَّا يكون مزوجًا بحرة، والاستثناء بقوله تعالى عائد إلى المحصنات، لا إلى جميع من ذكر في الآية من المحرَّمات إجماعًا، فدل على تحريم الجمع بينهما بملك اليمين، قياسًا وعمومًا من الحديث، وإجماعًا من العلماء، فلا التفات إلى من أباحه، والله أعلم.
وأمَّا الجمع بين باقي الأقارب؛ كابنتي العم، أو ابنتي الخالة، ونحوهما، فجوزه العلماء كافة، إِلَّا ما حكي عن بعض السلف أنه حرمه، وكأنه نظر إلى المعنى في المنع من الجمع بين الأختين؛ في قطيعة الرحم، واستدلَّ العلماء بعموم قوله تعالى:{وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ}[النساء: ٢٤]، وأما الجمع بين زوجة الرجل وابنته من غيرها، فجوزه مالك، والشافعي، وأبو حنيفة، والجمهور، وقال الحسن، وعكرمة، وابن أبي ليلى: لا يجوز ذلك، واستدلَّ الجمهور بقوله تعالى:{وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ}[النساء: ٢٤]. والله أعلم.
ومن حرمنا الجمع بينهما - ممن ذكرنا - إنما هو في العقد عليهما بالنكاح، والوطء، لا في مجرد الملك كما تقدم ذكره في الأختين، فلو عقد النكاح على إحداهما بعد الأخرى، كان الأول صحيحًا، والثاني باطلًا، والله أعلم.