للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وروى عن الحسن البصري: أنها ما حلت قط إلا في عمرة القضاء، وروي هذا عن سبرة -أيضًا-، ولم يذكر مسلم من روايات حديث سبرة تعيين وقت، أما في رواية محمد بن سعيد الدارمي، وإسحاق بن إبراهيم، ويحيى بن يحيى، فإنه ذكر فيها يوم فتح مكة (١).

قال العلماء: ذكر الرواية بإباحتها يوم حجة الوداع خطأ؛ لأنه لم يكن يومئذ ضرورة ولا عزوبة، بل أكثرهم حجُّوا بنسائهم، والصحيح أن النهي عنها كان في حجة الوداع مجردًا عن الحاجة إلى المتعة؛ كما جاء في غير رواية.

ويكون تجديده يومئذ النهي عنها؛ لاجتماع الناس فيه؛ ليشتهر في الأقطار بتبليغ الشاهد الغائب، ولتمام الدين وتقرير الشريعة، كما قرر - صلى الله عليه وسلم - غير أمر من قواعد الدين، وبين الحلال والحر أم، وبتَّ حينئذ تحريم المتعة إلى يوم القيامة.

قال بعض العلماء: نسخ الله تعالى القبلة مرتين، ونكاح المتعة مرتين، وتحريم لحوم الحمر الأهلية مرتين، قال: ولا أحفظ رابعًا.

وقال آخرون: إنما نسخت المتعة مرة واحدة يوم خيبر، وتحريمها في الفتح كان إشاعة لما تقدم من التحريم وشهرًا له، وكذلك تحريمها في حجة الوداع لهذا المعنى، وفي هذا نظر؛ من حيث إنه صحَّ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أذن فيها يوم الفتح، ثم حرمها بعد ذلك، وكان سفيان بن عيينة يزعم أن تاريخ خيبر في حديث إنما هو في النهي عن لحوم الحمر الأهلية، لا نكاح المتعة.

ولا شك أن الرخصة فيه وقعت بعد خيبر لسبب؛ وهو ما ثبت في "الصحيحين"، من رواية ابن مسعود - رضي الله عنه -، قال: كنا نغزو مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليس معنا نساء، فقلنا: ألا نستخصي؟ فنهانا عن ذلك، ثم رخَّص


= أشهد على أبي أنه حدث: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عنها في حجة الوداع، ورواه أيضًا (٢٠٧٣)، عن سبرة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حرم متعة النساء.
(١) انظر: "صحيح مسلم" (٢/ ١٠٢٤ - ١٠٢٥ - ١٠٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>