فلو زالت بوثبه، أو بإصبع، أو بطول التعنيس، أو وطئت في دبرها؛ فلها حكم الثيب على أصح الوجهين عند الشافعية، نظرًا إلى الثيوبة، وقيل: حكمها حكم البكر، فيكون إذنها السكوت؛ نظرًا إلى العلة في وجوب النطق في الثيب، وهي ممارسة الرجال، وهذه لم تمارسهم. نعم، من وطئت في دبرها، فقد وجدت هذه الممارسة في غير محل الثيوبة، وزوال حيائها به، أكثر من وقوعه في محله، فينبغي أن يكون اشتراط نطقها بالإذن راجحًا بحثًا ونقلًا.
وفيه دليل: على شرعية استئذان البكر، سواء كان الولي أبًا أو جدًّا أو غيرهما؛ فإن الحديث عام بالنسبة إلى لفظ البكر، وهو عام -أيضًا- بالنسبة إلى كل ولي، وهذا هو الصحيح عند الشافعية.
وقال بعضهم: إن كان الولي أبًا أو جدًّا، فاستئذانه إياها مستحب، وإن كان غيرهما، فلا بد من النطق؛ لأنها تستحيي من الأب والجدِّ أكثرَ من غيرهما.
وفيه دليل: على أن السكوت في البكر كاف في الإذن لجميع الأولياء؛ لعموم الحديث، ولوجود الحياء، سواء قلنا باستحبابه؛ أو وجوبه. وفيه وجه: أنه كاف في الأب والجدِّ دون غيرهما.
واختلف قول الشافعي - رحمه الله - في اليتيمة: هل يكتفى فيها بالسكوت؟
والحديث يقتضي الاكتفاء به، وقد ورد مصرحًا به في حديث آخر، ومال إلى ترجيح هذا القول: من يميل إلى الحديث من أصحابه، وقيل: لا بد من النطق، ورجحه أهل الفقه منهم؛ أعني: أصحاب الشافعي، ومذهبُ الشافعي والجمهور أنه لا يشترط إعلام البكر بأن سكوتها إذن، وشرطه بعض المالكية، واتفق أصحاب مالك على استحبابه.
واختلف العلماء في اشتراط الولي في صحة النكاح: فقال مالك والشافعي: يشترط، ولا يصح نكاح إلا بولي، وقال أبو حنيفة: لا يشترط في الثيب، ولا في البكر البالغ، بل لها أن تزوج نفسها بغير إذن وليها، وقال أبو ثور: يجوز أن