وقد يعترض هاهنا شبهة، وهي أنه نهى عن الاستنجاء باليمين، وعن مسِّ الذَّكَر باليمين، ولا بدَّ للمستجمر من أحد النَّهيين؛ لأنه إن أمسكَ ذكره بيمينه، دخل في النَّهي عن مسِّه، وإن أمسك الحجر بها، دخل في النهي عن الاستنجاء باليمين.
والجوابُ عن هذه الشُّبهة: أنه لا يلزم منه أَنْ يُمسكَ الحجرَ بها، بل يمكنه الاستجمار بحجرٍ ضخمٍ لا يزولُ عن مكانه، أو بجدار هو ملْكُه لا يتأذى مارٌّ بالتَّنَجُّس به حين استناده إليه إذا كان رطبًا، ويمسكُ ذكره بيساره، فيحركه بها من غير تكرار وضعِه في الموضع الذي وضعه أولًا عليه؛ لئلا يتنجَّس رأسُ ذَكَرِه بوضعه ثانيا عليه، فلا يجزئه حينئذ إلا الماءُ، فلو كانَ الحجرُ صغيرًا، جعلَه بين عَقِبيه، وفعلَ ما ذكرناه بالصِّفة المذكورة، فلو عجزَ أو شقَّ عليه أخذُ الحجرِ باليمين، وجعله بمنزلة الحائط، أو حجر كبير، ومسح عليه، حرَّكَ اليسارَ دونَ اليمين، ومتى حرَّكَ اليمينَ، دخلَ في النَّهي، -والله أعلم-.
ومن العلماء من خصَّ النهي عن مسِّ الذكر باليمين بحالةِ البول، أخذًا بظاهر الحديث كما ذكرنا.
ومنهم: من أخذ بالنَّهي عن مسه مطلقًا؛ أخذًا بالرِّواية المطلقة.
وقد يسبق إلى الفهم أنَّ المطلقَ يحمل على المقيَّدِ، أو العامَّ على الخاصِّ، فيختص النهي بهذه الحالة، وفيه بحث للأصوليين، وهو أن القاعدة أن حمل العام على الخاص، أو المطلق على المقيد ليس هو في باب المناهي، وإنما هو في باب الأمر والإثبات؛ لما يلزم منه من الإخلال باللفظ الدال على الخصوص أو المقيد.
وأمَّا في باب النَّهي، فيلزم منه الإخلالُ باللَّفظ الدَّالِّ على الإطلاق أوالعموم، مع تناول النَّهي، وهو غير سائغ، وهذا -أيضًا- بعد مراعاة النظر في روايتي الإطلاق والتقييد، أو العموم والخصوص، هل هما حديثان، أو حديث مخرجُه واحد؟، فإن كانا حديثين، فالأمرُ على ما ذكرناه أولًا، وإن كان حديثًا