للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فمن علَّل بتطويل العدة، لم يحرم؛ لأن انقضاءها هنا بوضع الحمل على كل حال. ومن علَّل بالحيض، وأراد الحكم عليه، حرم الطلاق فيه، وهو الظاهر من إطلاق الحديث؛ حيث إنه - صلى الله عليه وسلم - أمر بالمراجعة من غير استفصالٍ ولا سؤال عن حالِ المرأة في الحملى والحيال، وترك الاستفصال في مثل هذا ينزل منزلة عموم المقال عند جميع أرباب الأصول.

المسألة الثانية: إذا سألت المرأة الطلاق في الحيض: فإن علَّلنا بتطويل العدَّة عليها، لم يقتض تحريمه فيه؛ لأنها رضيت بإدخال الضرر عليها بسؤالها الطلاق فيه، وإن علَّلنا بصورة الحيض ووجوده، حرمه، والعمل بظاهر الحديث أولى في ذلك؛ لترك الاستفصال فيه.

وقد يجاب في المسألتين بالأصل؛ فإن الأصل عدم السؤال وعدم الحمل.

واعلم أن الأمَّة أجمعت على تحريم الطلاق في الحيض بغير رضا الزوجة، فلو طَلَّقها، أَثِمَ، ووقعَ طلاقُه، ويؤمر بالرجعة، وإن شذَّ بعضُ أهلِ الظاهر، وقال: لا يقع طلاقه؛ لأنه غير مأذونٍ له فيه، فأشبه طلاقَ الأجنبية، وذلك باطل؛ للأمر بمراجعتها؛ لأنه لو لم يقع، لم يكن رجعةٌ، فإن قيل: المراد بالمراجعة في الحديث: الرجعة اللُّغوية، وهي الردُّ إلى حالها الأول، من غير احتساب طلقةٍ، قلنا: هذا غلط؛ حيث إن الحقيقة الشرعية مقدَّمة على اللُّغوية باتفاق أهل أصول الفقه.

كيف وابن عمر قد صرَّح بأنها حُسِبت من طلاقِها، وراجعها كما أمر رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -؟

واعلم أن الطلاق يقع في الشرع على أربعة أقسام: حرام، ومكروه، وواجب، ومندوب، ولا يكون مباحًا مستوي الطرفين.

فأمَّا الواجب: ففي صورتين:

إحداهما: في الشقاق بين الزوجين، إذا ترافعا إلى الحاكم وبعثهما إلى حكمين، ورأيا المصلحة في الطلاق، وجب عليهما الطلاق.

<<  <  ج: ص:  >  >>