الثانية: في المؤلي إذا مضت عليه أربعة أشهر، وطالبته المرأة بحقِّها، فامتنع من الفيئة والطلاق، فإنَّ الصحيح من القولين للشافعي: أنه يجب على القاضي أن يطلق عليه طلقة رجعية.
وأما المكروه: فإن يكون الحال مستقيمًا بينهما، فيطلق بلا سبب، وعليه يُحمل قولُه - صلى الله عليه وسلم -: "أبغضُ الحَلالِ إِلَى اللهِ تَعالى الطَّلاقُ " رواه أبو داود، وغيره (١).
وأما الحرام؛ ففي ثلاث صور:
إحداها: في الحيض بلا عوض منها، ولا سؤالها.
والثانية: في طهر جامعها فيه قبل بيان الحمل.
والثالثة: إذا كان عنده زوجات، فقسم لهن، فطلَّق واحدة منهن قبل أن يوفيها قسمها.
وأما المندوب: فهو ألا تكون المرأة عفيفة، أو يخافا، أو أحدهما ألا يقيما حدود الله، أو نحو ذلك، والله أعلم.
وأما جمع الطلقات الثلاث دفعةً، فليس بحرام عند الشافعية، لكن الأَوْلى تفريقها، وبه قال أحمد، وأبو ثور.
وقال مالك، والأوزاعي، وأبو حنيفة، والليث: هو بدعة.
وهذا كله فيما إذا طلق من غير أن يجعله يمينًا يمتنع به ويمنع به؛ فإنه مكروه قطعًا، ولو قيل: إنه حرام، لم يمتنع، والله أعلم.
وقولُه - صلى الله عليه وسلم -: "لِيُراجِعْهَا" وفي لفظ مسلم: "مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا"؛ يتعلق بذلك مسألة أصولية، وهي: أن الأمر بالأمر بالشيء، هل هو أمر بذلك الشيء، أم لا؟ فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لعمر:"مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا"، وفي لفظ الكتاب:"لِيُرَاجِعْهَا"،
(١) رواه أبو داود (٢١٧٨)، كتاب: الطلاق، باب: في كراهية الطلاق، وابن ماجه (٢٠١٨)، كتاب: الطلاق، باب: حدثنا سويد بن سعيد، والحاكم في "المستدرك" (٢٧٩٤)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٧/ ٣٢٢)، عن ابن عمر - رضي الله عنهما -.