والقائل بالحيض يجعلها شرطًا، فيكون ثلاث حيضات كوامل، فيكون أقرب إلى موافقة القرآن، ولهذا الاعتراض صار ابن شهاب الزهريّ إلى أن الأقراء هي: الأطهار، قال: ولكن لا تنقضي العِدَّة إلا بثلاثة أطهار كاملة، ولا تنقضي إلا بطهرين وبعض الثالث، وهو مذهب تفرد به، بل القائلون بالأطهار اتفقوا على أنها تنقضي بقرأين وبعض الثالث، حتى لو طلقها، وقد بقى من الطهر لحظة يسيرة، حُسب ذلك قرءًا، ويكفيها طهران بعده.
وأجابوا عن الاعتراض بأن الشيئين وبعض الثالث، يطلق عليهما اسم الجمع في قوله تعالى:{الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ}[البقرة: ١٩٧]، ومعلوم أنها شهران وبعض الثالث، وفي قوله تعالى:{فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ}[البقرة: ٢٠٣] المراد: في يوم وبعض الثاني.
واختلف القائلون بالأطهار، متى تنقضي عدتها؟
فالأصحُّ عند الشافعية: أنه بمجرد رؤية الدَّم بعد الطهر الثالث، وفي قول: لا تنقضي حتى يمضي يوم وليلة. والخلاف في مذهب مالك كهُوَ عند الشافعية.
واختلف القائلون بالحيض -أيضًا-، فقال أبو حنيفة وأصحابه: حتى تغتسل من الحيضة الثالثة، أو يذهب وقت صلاة، وقال عمر، وعلي، وابن مسعود، والثوري , وزفر، وإسحاق، وأبو عبيد: حتى تغتسل من الحيضة الثالثة، وقال الأوزاعي وآخرون: حتى تنقضي بنفس انقطاع الدم.
وعن أبي إسحاق رواية: أنه إذا انقطع الدم، انقطعت الرجعة، ولكن لا تحل للأزواج حتى تغتسل؛ احتياطًا وخروجًا من الخلاف، والله أعلم.
وقولُه:"فَحُسِبَتْ مِنْ طَلاَقِها"؛ يعني: أن الطلقة الواقعة في الحيض مُنقِصة لعدد الطلاق، محسوبةٌ منه.