على الزوجة الكتابية؛ حيث لا مدخل له في اللفظ، من وصف المرأة بالإيمان بالله واليوم الآخر، فيختص بالمسلمة دونها. لكن الوصف الذي له سبب مخصوص لفائدة غير اختلاف الحكم، لم يدل على اختلاف الحكم.
فالتقييد بالإيمان بالله واليوم الآخر ليس كتقييد الحكم به، بل لتأكيده، مثل قوله تعالى:{وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}[المائدة: ٢٣]؛ فإنه يقتضي توكيدًا من التوكل بربطه بالإيمان.
فكذلك المسلمة لما كانت هي التي تستثمر خطاب الشارع، وتنتفع به، وتنقاد له، قيد الحكم به؛ للتوكيد، لا للإثبات، فكما يقال: إن كنت ولدي، فافعل كذا، لذلك يكون المعنى: التقييد بالإيمان؛ لتأكيد التحريم؛ لما يقتضيه سياقه ومفهومه، والله أعلم.
وقال أبو حنيفة: لا إحداد على الصغيرة، ولا على الزوجة الأمة.
وأجمعوا على أنه لا إحداد على أم الولد، ولا على الأمة، إذا توفي عنهما سيدهما، ولا على الزوجة الرجعية.
وقد يؤخذ ذلك من الحديث؛ حيث إن المستولدة والأمة ليستا بزوجتين، والحكم متعلق بالزوجية.
والرجعية: متضمنة لمن لم يمت عندها زوجها، والحكم مقيد بمن مات.
واختلف العلماء في المطلقة ثلاثًا:
فقال عطاء، وربيعة، ومالك، والليث، وابن المنذر: لا إحداد عليها.
وقال الحكم، وأبو حنيفة، والكوفيون، وأبو ثور، وأبو عبيد: عليها الإحداد، وهو قول ضعيف للشافعي.
وحكى القاضي عياض قولًا شاذًّا غريبًا عن الحسن البصري: أنه لا يجب الإحداد على المطلقة، ولا على المتوفى عنها زوجها، وأنه استدل من قال: لا إحداد على المطلقة ثلاثًا بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إلَّا على ميتٍ"، فخص الإحداد بالميت بعد تحريمه في غيره. مع اتفاق العلماء على وجوبه على من توفي عنها زوجها.