قوله:"أرأيتَ أَن لو وجدَ أحدُنا امرأتَه على فاحشةٍ"؛ المراد بالفاحشة والفحشاء: الزنا. وكل ما في القرآن العزيز من الفاحشة والفحشاء، فالمراد به الزنا، إلا في موضع واحد، في قوله تعالى:{الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ}[البقرة: ٢٦٨]، فالمراد به: البخل ومنع الزكاة.
قال الكلبي: كل فحشاء في القرآن فهو الزنا، إلا هذا، والله أعلم.
وأما سؤاله: فيحتمل أن يكون سؤالًا عن أمر لم يقع، ويحتمل أنه وقع، لكن أراد إبهامه استحياء من إظهاره، ويتعرف المخرج من إعضاله.
وقول الراوي:"فلما كانَ بعدَ ذلكَ أتاه فقالَ: إن الذي سألتُكَ عنهُ قدِ ابْتُلِيتُ به"؛ يحتمل أن الحكم المسؤول عنه إنما تأخر جوابه - صلى الله عليه وسلم - أولًا عنه؛ ليتبين ضرورة السائل إلى معرفة الحكم عند وقوعه؛ حيث إن الجواب لا يجب عليه بيانه إلا عند الحاجة إليه.
ويحتمل أنه إنما أخره؛ لأنه لم يكن عنده - صلى الله عليه وسلم - علم منه، فتثبَّت في الجواب عنه حتى نزل القرآن، فتلاه عليه؛ لتعريف الحكم، والعمل بمقتضاه، ويكون قوله: قد ابتليتُ به: إخبارًا عما كان وقع وقتَ سؤاله أولًا، والله أعلم.
وأما بدأته - صلى الله عليه وسلم - بوعظه، وتذكيرِه قبلها؛ فتأسيًا بالقرآن العزيز، في ذكر حكم الرجل قبل المرأة في اللعان، فيناسب وعظه وتذكيره قبلها.
ويحتمل أن الوعظ كان عامًّا، وقع الخطاب به لهما متكررًا.
ولا شك أن كلًّا من الرجل والمرأة متعرض للعذاب، لكن عذاب الرجل في الدُّنيا أخف؛ لأن عذابه فيها: حدُّ القذف. وعذاب المرأة فيها أشد؛ لأنه فيها الرجم، والله أعلم.
ثم ظاهر لفظ الحديث والكتاب العزيز يقتضي تعيين لفظ الشهادة في لعانهما ولا تبدل بغيرها، وأُخر لعانُ المرأة عن الرجل؛ حيث إن مقتضاه: درء العذاب عنها، ولا يشرع لها للدرء، إلا بعد وجود سببه، وهو لعان الزوج.
واختصت بلفظ الغضب؛ لعظم الذنب بالنسبة إليها على تقدير وقوعه؛ لما