للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كافرًا، وكانت سودة حين موته مسلمة، أو يكون استلحقه عبد، ووافقته سودة في استلحاقه، حتى يكون كل الورثة مستلحقين.

وبجواز استلحاق النسب قال الشافعي وموافقوه، وبمنعه قال مالك وموافقوه.

ومنها: استعمال الورع في الأمر الثابت في ظاهر الشرع، والأمر به للاحتياط؛ فإنه - صلى الله عليه وسلم - أمرها بالاحتجاب من ولد أبيها الذي حكم بإلحاقه به لما رأى الشبه البين بعتبة بن أبي وقاص، وخشي أن يكون من مائه، ويكون أجنبيًّا منها باطنًا، فحكم بظاهر الشرع في إلحاق النسب، وبالورع في الاحتجاب.

وزعم بعض الحنفية أن أمرها بالاحتجاب منه، حيث جاء في رواية "واحتجبي منه؛ فإنه ليسَ بأخٍ لكِ"، وهي رواية باطلة مردودة (١).

بل الثابت: الأمرُ بالاحتجاب دون التعليل بأنه ليس بأخ لكِ، والله أعلم.

ومنها: أن الشبه وحكم القافة لا يجوز استعماله والعمل به، إلا عند عدم ما هو أقوى منه؛ فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يرجع إليه، والعمل بحكم القافة مع وجود حكم الفراش؛ إلا لكونه أقوى منه، ولذلك لم يحكم بالشبه في قصة المتلاعنين، مع أنه جاء على الشبه المكروه.

ومنها: أن حكم الحاكم بالظاهر لا يحل الأمر في الباطن عما هو عليه، وإذا حكم بشهادة شاهدي زور، أو نحو ذلك من الأسباب الظاهرة، لم يحل المحكوم به للمحكوم له؛ حيث إنه - صلى الله عليه وسلم - حكم به لعبد بن زمعة، وأنه أخ لسودة، واحتمل بسبب الشبه أن يكون من عتبة.

فلو كان الحكم يحيل الباطن، لما أمرها بالاحتجاب.

واحتج بعض الحنفية وموافقيهم بهذا الحديث على أن الوطء بالزنا (٢) له حكم الوطء بالنكاح، في حرمة المصاهرة، وبذلك قال أبو حنيفة، والأوزاعي، والثوري، وأحمد.


(١) انظر: "شرح مسلم" للنووي (١٠/ ٣٩).
(٢) ساقطة من "ح".

<<  <  ج: ص:  >  >>