للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالاحتجاب منه، فأعطى الفرع حكمًا بين حكمين، ولم يمحص أمر الفراش، فثبتت المحرمية بينه وبين سودة، ولم يراع أمر الشبه مطلقًا، فيلحق بعتبة.

قالوا: وهذا أَولى التقديرات؛ فإن الفرع إذا كان بين أصلين، فألحق بأحدهما مطلقًا، فقد أبطل شبهه الثاني من كل وجه. وكذلك إذا فعل بالثاني، ومحض إلحاقه به، كان إبطالًا لحكم شبهه بالأول، فإذا ألحق بكل واحد منهما من وجه، كان أولى من إلغاء أحدهما من كل وجه.

قال شيخنا العلامة أبو الفتح -رحمه الله تعالى-: ويعترض على هذا بأن صورة النزاع ما إذا ذكر الفرع بين أصلين شرعيين يقتضي الشرع إلحاقه بكل واحد منهما؛ من حيث النظر إليه، وها هنا لا يقتضي الشرع إلا إلحاق هذا الولد بالفراش (١).

والشبه هاهنا غيرُ مقتض للإلحاق شرعًا، فيحمل قوله - صلى الله عليه وسلم -: "احْتَجِبي مِنْهُ يا سَوْدَةُ" على سبيل الاحتياط والإرشاد لمصلحة وجودية، لا على سبيل بيان وجوب حكم شرعي. ويؤكده أنه لو وجدنا شبهًا في ولد بغير صاحب الفراش، لم يثبت لذلك حكمًا. وليس في الاحتجاب هاهنا إلا ترك أمر مباح على تقدير ثبوت المحرمية، وهو قريب.

ومنها: جواز استلحاق النسب بشروط:

أحدها: أن يكون المستلحق حائزًا للإرث، أو كل الورثة.

الثاني: إمكان كون الولد المستلحق من الميت.

الثالث: ألَّا يكون معروف النسب من غيره.

الرابع: تصديق الولد المستلحق إن كان بالغًا عاقلًا.

وكل هذه الشروط موجودة في الولد المختصَم فيه، وقد ألحقه - صلى الله عليه وسلم - بزمعةَ حين استلحقه ابنه عبد، وحينئذ إما أن يكون عبدًا تفرد بإرثه؛ لكون زمعة مات


(١) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (٤/ ٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>