وقال مالك، والشافعي، وجمهور العلماء: لو نكح المغربي مشرقية، ولم يفارق واحد منهما وطنه، ثم أتت بولد لستة أشهر أو أكثر، لم يلحقه؛ لعدم إمكان كونه منه.
قالوا: وما قاله أبو حنيفة ضعيفٌ ظاهرُ الفساد؛ لأنه خرج على الغالب في إطلاق الحديث، وهو حصول الإمكان بالوطء، لا وجود سبب الإمكان، وهو العقد، هذا حكم الزوجة.
وأما الأَمة، فتصير فراشًا بالوطء، لا بمجرد الملك، حتى لو بقيت في ملكه سنين، وأتت باولاد، ولم يطأها، ولم يقر بوطئها، لا يلحقه أحدٌ منهم، فإذا وطئها، صارت فراشًا، فإذا أتت بعدَ الوطء بولد، أو أولاد لمدة الإمكان؛ لحقوه. وبهذا قال مالك والشافعي.
وقال أبو حنيفة: لا تصير فراشًا إلا إذا ولدت ولدًا، واستلحقه، فما تأتي به بعد ذلك، يلحقه، إلا أن ينفيه. قال: لأنها لو صارت فراشًا بالوطء، لصارت بعقد الملك كالزوجة.
قال أصحاب الشافعي: والفرق بين الزوجة والأمة: أن الزوجة تراد للوطء خاصة، فجعل الشرع العقد عليها كالوطء، لما كان هو المقصود، بخلاف الأمة؛ فإنها تراد لملك الرقبة وأنواع المنافع غير الوطء.
ولهذا يجوز أن يملك أختين وأمها وبنتها، ولا يجوز جمعهما بعقد النكاح، فلم تصر الأمة بنفس العقد عليها فراشًا، فإذا حصل الوطء، صارت كالحرة، فصارت فراشًا، والله أعلم.
ومنها: استدلال بعض المالكية به على قاعدة من قواعد أصول مذهبهم، وهو الحكم بين حكمين، بأن يكون فرع قد أخذ مشابهة من أصول متعددة؛ فتعطى أحكامًا مختلفة، ولا تمحص لأحد الأصول، وبيانه من الحديث: أن الفراش مقتض لإلحاق الولد بزمعة، والشبه البين مقتضٍ لإلحاقه بعتبة، فأعطى النسب حكمه لمقتضى الفراش، وألحق بزمعة، وروعي أمر الشبه بأمر سودة