للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو يقال: إن عبد الرحمن وكَل الأكبرَ المتكلِّم في الدعوى والمساعدة له؛ حيث أمر بالتفويض في المطالبة إلى الأكبر، ولذلك يُقال في عرض اليمين عليهم بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "أتحلفون وتستحقون قاتلَكُم أو صاحبكُم؟ "، مع أن المستحق الوارث للحق في القتيل عبد الرحمن دونهما.

والجواب: أن الخطاب وقع لهم، والمراد من يختص باليمين والاستحقاق، وذلك مغتفر؛ للعلم به. وإنما اغتفر؛ حيث إن الكلام وسماعه كان من الجميع ثلاثتهم في صورة القتل، وكيفية ما جرى فيه، وإن كانت حقيقته [الدعوى] (١) واليمين، إنما يتصوران من الوارث أو وكيله فيما يجوز التوكيل فيه، والله أعلم.

ومعناه: ثبت حقكم على من حلفتم عليه.

قوله: "فتبرئكمْ يهودُ"؛ يهودُ مرفوع لا ينصرف؛ لأنه اسم للقبيلة والطائفة، ففيه التأنيث والعلمية.

قوله - صلى الله عليه وسلم -: "يقسمُ خمسونَ منكم على رجلٍ منهم فَيُدْفَعُ بِرُمَّتِهِ؟ "؛ الرمَّة: بضم الراء وتشديد الميم المفتوحة؟ ومعناه: تسليم القاتل بجملته إلى ولي القتيل للقتل، وأصل الرمة: الحبل الذي يكون في عنق البعير؛ ليسلم به إلى من يقوده به، شُبه به القاتل في تسليمه للقتل، والله أعلم (٢).

وهذا الحديث أصل في القَسامة وأحكامها، والقَسامة -بفتح القاف وتخفيف السين- مشتقة من القَسَم أو الأَقسام؛ وهي اليمين التي يحلف بها المدعي للدم عند اللَّوْثِ، وقيل: إنها اسم للأولياء عند أهل اللغة، وعند الفقهاء: اسم للأيمان. وقد نقل عن جماعة من أهل اللغة، وهو الصحيح.

ثم اعلم أن موضع جريان القسامة: أن يوجد قتيل لا يُعرف قاتله، ولا تقوم عليه بينة، ويدعي أهل القتيل قتلَه على واحد أو جماعة مع قرينة الحال، بما


(١) ما بين معكوفين سقطت من "ح".
(٢) انظر: "النهاية في غريب الحديث" لابن الأثير (٢/ ٢٦٧)، و"شرح مسلم" للنووي (١١/ ١٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>