للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال يحيى القطان: ليس به بأس.

وروى له البخاري، ومسلم، وغيرهما (١).

أما قوله: فذهبَ عبدُ الرحمن يتكلّم، فقال: "كَبِّرْ كَبِّرْ"؛ فاعلم أن عبد الرحمن هذا هو أخو عبد الله المقتول بخيبر، كما ذكرناه. وهو ابن سهل، كان له علم وفهم. ويقال: إنه شهد بدرًا، وهو الذي قال لأبي بكر الصديق - رضي الله عنه - لما جاءته جدتان أم أم، وأم أب، فأعطى السدس أم الأم دون أم الأب، فقال له عبد الرحمن بن سهل -رجل من الأنصار من بني حارثة، قد شهد بدرًا-: يا خليفة رسول الله! أعطيته التي لو ماتت له لم يرثها، وتركت التي لو ماتت ورثها! فجعله أبو بكر بينهما (٢).

وروى عنه محمَّد بن كعب القرطبي عنه: أنه غزا، فمرت به روايا تحمل خمرًا، فشقها برمحه، وقال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهانا أن نُدخل الخمر بيوتَنا وأسقيتَنا (٣).

وأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - له بقوله: "كَبِّرْ كَبِّرْ"؛ معناه: ليتكلمِ الأكبرُ، وأكده بالتكرير؟ تنبيها على شرف السنِّ.

فإن قيل: الحق في المطالبة بالدم لعبد الرحمن؟ فإن المقتول أخوه، ومحيصة وحويصة ابنا عم لا حقَّ لهما في المطالبة به مع وجوده، وقد أمر برد الكلام إليهما، فالجواب: أن كلام عبد الرحمن لم يكن حقيقة دعوى يترتب عليها الحكم، وإنما هو بيان وشرح للواقعة، والأكبرُ أفقهُ وأعلم بذلك، خصوصًا في مخاطبة الكبار.


(١) وانظر ترجمته في: "التاريخ الكبير" للبخاري (٣/ ٤٩٧)، و"الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (٤/ ٤٦)، و"الثقات" لابن حبان (٦/ ٤٦٦)، و"تهذيب الكمال" للمزي (١٠/ ٥٤٩)، و"تهذيب التهذيب" لابن حجر (٤/ ٥٥).
(٢) رواه الإِمام مالك في "الموطأ" (٢/ ٥١٣)، وسعيد بن منصور في "سننه" (١/ ٧٣)، وعبد الرزاق في "المصنف" (١٩٠٨٤)، عن القاسم بن محمَّد.
(٣) انظر: "الاستيعاب" لابن عبد البر (٢/ ٨٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>