للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قد يظن من لا معرفة له أنهما متناقضتان، وأن أحدهما غلط، وليس كذلك، فإنهما صحيحتان.

ولِحْيان -بكسر اللام، وقيل بفتحها-: بطن من هذيل.

وقد روي في "الصحيح": أن إحداهما كانت ضرة الأخرى (١)، والضرتان: زوجتا الرجل، سميت كل واحدة ضرة؛ لحصول المضارة بينهما، وتضرر كل واحدة بالأخرى عادة.

والعاقلة: جمع عاقل، وجمع الجمع: عواقل. والمعاقل: الديات، والعقل: الدية، سمي بذلك؛ لأن مؤديها يعقلها بفناء أولياء المقتول. يقال: عقلت فلانًا: إذا أعطيت ديته، وعقلت عن فلان: إذا غرمت عنه دية جنايته، ويقال لدافع الدية: عاقل؛ لعقله الإبل بالعُقُل، وهي الحبال التي تثنى بها أيدي الإبل إلى ركبها فتشد بها. وعقلت البعير أعقله -بكسر القاف- عقلًا (٢).

والعاقلة عند الفقهاء: العصبات ما عدا الآباء والأبناء، والله أعلم.

وقوله: "فرمت إحداهما الأخرى بحجر، فقتلتها وما في بطنها"، معناه: رمتها بحجر صغير لا يقصد به القتل غالبًا، فيكون شبهَ عمد تجب فيه الدية على العاقلة، ولا يجب فيه قصاص ولا دية على الجاني، وبذلك قال الشافعية وجمهور العلماء.

وليس في الحديث المذكور ما يشعر بانفصال ما في بطنها, ولا يفهم من لفظه؛ بخلاف حديث عمر الماضي في إملاص المرأة، فإنه مصرح فيه بالانفصال، وهو مشروط عند الشافعية في وجوب الغرة كما تقدم أنه ينفصل ميتًا بسبب الجناية.


= ومسلم (١٦٨١)، (٣/ ١٣٠٩)، كتاب: القسامة، باب: دية الجنين.
(١) رواه مسلم (١٦٨٢)، كتاب: القسامة، باب: دية الجنين، عن المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه -.
(٢) انظر: "النهاية في غريب الحديث" لابن الأثير (٣/ ٢٧٨)، و"تهذيب الأسماء واللغات" للنووي (٣/ ٢١٦)، و"لسان العرب" لابن منظور (١١/ ٤٦٢)، (مادة: عقل).

<<  <  ج: ص:  >  >>