للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا أكلَ ولا شربَ ولا نطقَ ولا استهلَّ، فمثلُ ذلكَ يُطَلُّ؟ ":

استهل: رفع الصوت بالصياح ونحوه.

وأما يطل؛ فمعناه: يُهدر؛ أي: يُلغى، قال أهل اللغة: يقال: طُلَّ دمه -بضم الطاء-، وأطل؛ أي: أهدر، وأطله الحاكم، وطله: أهدره، وجوز بعضهم: طل دمه: بفتح الطاء في اللازم، وأباها الأكثرون.

واختلف في ضبط الياء من يُطل، على وجهين:

أحدهما: بالياء المثناة المضمومة وتشديد اللام؛ أي: لا يضمن.

والثاني: بطل، بفتح الباء الموحدة، وتخفيف اللام، فعل ماض من البطلان، وهو بمعنى الأول، والأكثرون على ضبطه بالمثناة، وقال القاضي عياض: جمهور رواة "صحيح مسلم" ضبطوه بالموحدة (١).

قوله: "فقالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: إنَّما هو من إخوانِ الكهانِ؛ من أجلِ سجعهِ الذي سجعَ":

الكهَّان: جمع كاهن، وهو تخيل كالسحر، وكلاهما من الجِبْت، واله أعلم.

والسَّجع في الكلام: الذي يأتي في أواخره على نسق واحد، وأصله: القصد المستوي على نسق واحد في كل شيء، وإنما ذم سجعه؛ لما فيه من التكلف لإبطال حق أو تحقيق باطل، أو لمجرد التكلف.

ولا شك أن كل واحد مما ذكرنا مذموم تحقيق، وأما مطلق السجع الذي ليس كذلك، فليس بمذموم، بل ممدوح، خصوصًا إذا كان أدعى إلى قبول الحق أو فهمه أو حفظ لفظه؛ لوروده في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -، وفي كلام السلف؛ حيث إنه لا يعارض به حق، ولا يتكلف؛ ولهذا شبه - صلى الله عليه وسلم - سجع حَمَلٍ بسجع الكهان؛


(١) انظر: "غريب الحديث" لأبي عبيد (٢/ ١٦٧)، و"مشارق الأنوار" للقاضي عياض (١/ ٨٨)، و"شرح مسلم" للنووي (١١/ ١٧٨)، و"تهذيب الأسماء واللغات" له أيضًا (٣/ ١٧٨)، و"لسان العرب" لابن منظور (١١/ ٤٠٥)، (مادة: بطل).

<<  <  ج: ص:  >  >>