للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حيث إنهم كانوا يروَّجون أقاويلهم الباطلة بأسجاع تروق للسامعين، فيستميلون إليها القلوب، ويستصغون إليها الأسماع، والله أعلم.

وفي هذا الحديث أحكام:

منها: وقوع الجنايات والخصام فيها إلى الحكام، خصوصا من الضرائر والألزام.

ومنها: وجوب الغرة بالجناية على الجنين وانفصاله ميتا.

ومنها: أنه لا فرق في الغرة بين الذكر والأنثى، وأن مستحقها يجبر على قبولها من أي نوع كان الرقيق المخرَج فيها, لكن يشترط فيه السلامة من العيوب المبينة في الرد بالعيب في البيع، ويمكن الاستدلال على سلامتها من العيوب بمعنى لفظها، وهو الخيار، والمعيب ليس من الخيار.

ومنها: أن في إطلاق الحديث: أنه لا يتقدر للغرة -عبدًا كان أو أمةً- قيمةٌ، وهو وجه للشافعية، وتقدم تقديرها على الأظهر عندهم، هو بنصف عشر دية الأب (١)، وهو خمس من الإبل.

ومنها: أن الغرة إذا وجدت بصفاتها المعتبرة، لا يلزم المستحق قبولُ غيرها؛ لتعينها في الحديث دون شيء آخر، فلو عدمت، هل يلزمه خمس من الإبل أو القيمة؟ فيه خلاف، وليس في الحديث ما يدل على ذلك.

ومنها: أن في إطلاق الحديث ما يقتضي عدم تخصيص سن من دون سن بالغرة، وأصحاب الشافعي قالوا: لا يجبر على قبول من لم يبلغ سبع سنين؛ لحاجته إلى التعهد وعدم استقلاله بنفسه.

وجعل بعضهم: أن الغلام لا يؤخذ بعد خمس عشرة سنة، ولا الجارية بعد عشرين سنة، وجعل بعضهم الحد فيها عشرين سنة.

والأظهر: أنهما يؤخذان، وإن جاوزا السنين، ما لم يضعفا ويعجزا عن


(١) في "ح": "الأم".

<<  <  ج: ص:  >  >>