الحد بالإقرار بالزنا: تكراره أربع مرات؛ قالوا: لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما أخر إقامة الحد إلى تمام الأربع مرات؛ لكونه لم يجب قبل ذلك؛ لأنه لو وجب قبله، لما أخره - صلى الله عليه وسلم -، فدل على أنه لا يجب إلا بعدها، ويقوى ذلك بقول الراوي:"فلما شهد على نفسه أربع شهادات، دعاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -"، إلى آخره، ففيه إشعار بأن الشهادة أربعًا هي العلة في الحكم.
وقال مالك، والشافعي، وموافقوهما، وآخرون: يثبت الإقرار به بمرة واحدة، ويرجم قياسًا على سائر الحقوق. وكأنهم رأوا تأخر الحد إلى تمام الإقرار أربعًا ليس للوجوب كما ذكره الحنفية، بل للاستثبات والتحقيق لوجوب السبب؛ حيث إن الحد مبني على الاحتياط في تركه ودرئه بالشبهات. واحتجوا أيضًا بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "واغدُ يا أُنَيْسُ على امرأةِ هذا، فإنِ اعترفتْ فارجمها"، فلم يشرط عددًا، وحديث الغامدية، ليس فيه إقرارها أربع مرات، واشترط ابن أبي ليلى وغيره من العلماء إقراره أربع مرات في أربعة مجالس.
ومنها: تفويض الإمام الرجم إلى غيره؛ فإن قوله - صلى الله عليه وسلم -: "اذهبوا فارجموه" إشعار بعدم حضوره إياه، فيؤخذ منه عدمُ حضورِ الإمام الرجمَ، وإن كان الفقهاء استحبوا بداءة الإمام بالرجم، إذا ثبت الزنا بالإقرار، وبداءة الشهود به، إذا ثبت بالبينة.
وكأن الإمام، لما كان عليه التثبت والاحتياط، أمر بالبداءة؛ ليكون ذلك زاجرًا عن التساهل في الحكم بالحدود، وداعيًا إلى غاية التثبت. وأما في الشهود، فظاهر؛ لأن قتله بقولهم.
ومنها: عدم الحفر للمرجوم؛ حيث إنه هرب لما أذلقته الحجارة، ولو كان له حفيرة، لم يتمكن من الهرب.
وقد اختلف العلماء في الزاني المحصن إذا أقر بالزنا، فشرعوا في رجمه، ثم هرب، هل يترك، أم يتبع فيقام عليه الحد؟
فقال الشافعي، وأحمد وغيرهما: يترك ولا يتبع، لكن يقال له بعد ذلك: