للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما قريش فهم أولاد النضر بن كنانة، على المشهور، وقيل: أولاد فهو، والله أعلم (١).

وأما ما أَهَمَّهم من شأنها؛ فلِما خافوا من لحُوق العار الجاهلي في قطع يدها، وافتضاحهم بين القبائل به، وظنوا أن الشفاعة والسعي في إسقاط الحدود يفيدان فيه، فلما أقسم النبي - صلى الله عليه وسلم - على أنه لو سرقت ابنته فاطمة لقطع يدها، علموا أن ذلك حتم لا مندوحة عنه، والله أعلم.

وأما قوله في الرواية الثانية: أنها "كانت تستعيرُ المتاعَ وتجحدُه" وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بقطع يدها؛ فلا شك أن سياقها عقب هذا الحديث الذي فيه أنها سرقت، يقتضي أن المعبر عنه بالسرقة وجحد المتاع بعد الاستعارة، امرأة واحدة، لكن لا يقتضي أن العارية وجحدها تسمى سرقة موجبة لقطع اليد؛ فإن الإعارة مخرجة لوضع اليد على العين عن السرقة والغصب. ومن جحد شيئًا، لا يجب به القطع.

وقد روى مسعود بن الأسود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحو هذا الخبر فيما قاله أبو داود، قال: سرقت قطيفة من بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهذا التعليق قد أخرجه ابن ماجه في "سننه" بإسناد فيه محمد بن إسحاق، وهو متكلم فيه (٢).

وروي من حديث جابر: أن امرأة سرقت، فعاذت بزينب بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (٣).


(١) انظر: "الأنساب" للسمعاني (٥/ ٢٢٥).
(٢) ذكره أبو داود في "سننه" (٤/ ١٣٢) تعليقًا، ورواه موصولًا: ابن ماجه (٢٥٤٨)، كتاب: الحدود، باب: الشفاعة في الحدود، والإمام أحمد في "المسند" (٥/ ٤٠٩)، والطبراني في "المعجم الكبير" (٢٠/ ٣٣٣)، والحاكم في "المستدرك" (٨١٤٧)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٨/ ٢٨١).
(٣) ذكره أبو داود في "سننه" (٤/ ١٣٢) تعليقًا، ورواه الحاكم في "المستدرك" (٨١٤٥) موصولًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>