للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لشاربيها، وتغليظًا عليهم، وكان ذلك سُنَّةً ماضية؛ فإنه موافق للعمل بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "فعليكُمْ بِسُنَّتي وسُنَّةِ الخلفاءِ الراشدينَ المهديِّيينَ، عَضُّوا عليها بالنَّواجِذِ" (١) وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "اقْتَدُوا باللَّذَين من بعدي: أبي بكرٍ وعمرَ" (٢)؛ أي: بكل واحد منهما.

ولهذا عمل عثمان - رضي الله عنه - بفعل كل واحد منهما، فجلده مرة ثمانين، ومرة أربعين.

وقال علي - رضي الله عنه -: كُلٌّ سُنَّةٌ (٣)؛ حيث إن الأربعين فعلُ النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأبي بكر، والثمانين فعلُ عمر بإجماع الصحابة -رضي الله عنهم-، وإن اعتقاده - رضي الله عنه - أنهما كانا خليفتين، وأن فعلهما سنة، وأمرَهما حق، خلاف ما يكذب عليه - رضي الله عنه -.

وروي عن علي - رضي الله عنه -: أنه ضرب في الخمر ثمانين، وهو المعروف من مذهبه، والله أعلم.

واعلم أنه وقع في لفظ الكتاب: أن الضرب كان بالجريد فقط، وفي غيره: بالجريد والنعال كما ذكرنا.

وفي رواية الزهري عن عبد الرحمن بن أزهر: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "اضربوه" فضربوه بالأيدي والنعال وأطراف الثياب (٤).

وفي حديث قال: فلما كان أبو بكر، سأل عن ذلك من حضر ذلك المضروب، فقومه أربعين، فضرب أبو بكر في الخمر أربعين (٥)، ففسر بعضهم


(١) تقدم تخريجه.
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) رواه مسلم (١٧٠٧)، كتاب: الحدود، باب: حد الخمر، عن حضين بن المنذر.
(٤) رواه الإمام الشافعي في "مسنده" (ص: ٢٨٥)، وفي "الأم" (٦/ ١٨٠)، ومن طريقه البيهقي في "السنن الكبرى" (٨/ ٣١٩).
(٥) انظر تخريجه في: رواية عبد الرحمن بن الأزهر المتقدمة؛ إذ هو قطعة منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>