للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هو ما ذكرناه من زيادة رواية جابر بن عبد الله بين أبيه عبد الرحمن، وأبي بردة، وروي -أيضًا- عن عبد الرحمن بن جابر عمن سمع عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا يضر ذلك جميعه كما بيناه، ولا تضر جهالة الصحابي.

كيف وقد ذكر الصحابي في بعض طرقه، وكلها في "الصحيحين" على الاتفاق والانفراد؟

وروي -أيضًا- عن عبد الرحمن بن جابر، عن رجل من الأنصار، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.

وهذا الاختلاف لم يؤثر عند البخاري ومسلم؛ لما بيناه أولًا من احتمال أن يكون من نوع المزيد في متصل الأسانيد، واحتمال سماعه من كل واحد منهما، ويكون الذي سمع النبي - صلى الله عليه وسلم -، والرجل من الأنصار واحدًا، وهو أبو بردة؛ فإنه وإن كان قضاعيًّا، فإنه أنصاري بالحلف، فنسب إليهم، وهو مشهور بذلك.

وذكر الحافظ أبو الحسن الدارقطني: أن حديث عمر بن الحارث المقري الذي قال فيه: عن أبيه، صحيح؛ لأنه ثقة، وقد زاد رجلًا، وتابعه أسامة بن زيد. فهذا الدارقطني قد صحح الحديث بعد وقوعه على الاختلاف، وجنح إلى ما جنح إليه صاحبا الصحيح -رحمهما الله- والله أعلم (١).

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إلَّا في حَدٍّ من حدودِ الله -عزَّ وجل-"؛ الحدُّ في اللغة: المنع مطلقًا.

وسميت الحدود المقدرة في الشرع بذلك؛ لأنه يمنع من معاودة معاصيها؛ ولأنه مقدر محدود.

واختلف في تفسيره في هذا الحديث:

فقيل: المراد به حق من حقوقه، وإن لم يكن من المعاصي المقدرة وحدودها؛ لأن المحرمات كلها من حدود الله تعالى، وهذا أولًا: خروج عن العرف في لفظ الحد، وثانيًا: أن ما ليس بمحرم يقتضي جواز الزيادة على العشرة


(١) وانظر: "شرح مسلم" للنووي (١١/ ٢٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>