للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفي هذا الحديث أحكام:

منها: المنع من الحلف بغير الله -عَزَّ وَجَلَّ-، واليمينُ منعقدة عند الفقهاء باسم الذات والصفات العلية.

ومنها: إباحة الحلف بالله تعالى.

قال العلماء: إلَّا أن يقترن به مقصود شرعي؛ من تفخيم لأمر، أو تنبيه عليه بفهم أو معرفة رتبة، أو نحو ذلك، فيكون مستحبا، وعلى هذا ينزل ما ثبت في الأحاديث الصحيحة من الحلف، والله أعلم.

ومنها: منع الحلف بغير أسماء الله تعالى وصفاته، وكلٌّ مجمع عليه، والله أعلم.

واعلم أن الأقسام ثلاثة أنواع:

الأول: ما يباح به اليمين من أسماء الله -عَزَّ وَجَلَّ- وصفاته، كما ذكرنا.

الثاني: ما يحرم به اليمين بالاتفاق؛ كالأنصاب، والأزلام، واللات، والعزى، وكذلك الحلف بنعمة السلطان، وحياتك، وتربة الشَّهيد، وكذلك إذا حلف بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، والكعبة، قاصدًا بذلك التعظيم، كله حرام.

وقال بعض المالكية في اللات والعزى والأنصاب والأزلام: إن قصد تعظيمها، فهو كفر، وإلا فحرام، ولا شك أن القسم بالشيء تعظيم له، وسيأتي حديث يدل على إطلاقه على الكفر، وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: "من حلفَ على يمينٍ بملَّةٍ غيرِ الإِسلامِ كاذبًا متعمَّدًا، فهو كما قالَ" (١).

وقد روى مسلم في "صحيحه": أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "من حلفَ فقالَ في حلفِه: باللَّاتِ والعزَّى، فليقلْ: لا إلهَ إلَّا الله" (٢).


(١) سيأتي تخريجه في أحاديث باب الأيمان.
(٢) رواه مسلم (١٦٤٧)، كتاب: الأيمان، باب: من حلف باللات والعزى فليقل: لا إله إلَّا الله، والبخاري أَيضًا (٦٢٧٤)، كتاب: الأيمان والنذور، باب: لا يحلف باللات والعزى ولا بالطواغيت، عن أبي هريرة -رَضِيَ الله عَنْهُ-.

<<  <  ج: ص:  >  >>