للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من النَّاس والدواب وآلة الحرب، ثم يأمر العاصفَ من الريح، فيدخل تحت ذلك الخشب، فتحمله، فهذا استقل، أمر الرخاء فمدته شهرًا في غدوةٍ، وشهرًا في روحة إلى حيث شاء.

ولما مضى من ملكه أربع سنين، بدأ ببناء بيت المقدس، وفرغ منه في سبع سنين، ولما مضى من ملكه خمس وعشرون سنة، جاءته ملكة سبأ، وهي بلقيس، وكان من قصته معها ما قصه الله -عَزَّ وَجَلَّ- في كتابه.

وروي عن ابن عباس - رضي الله عنهما -: أنَّه قال: إن سليمان - عليه السلام - تزوجهًا.

وقال وهب: زوَّجها ذا تبع ملكَ همذان، وردها إلى اليمن، وسلَّط زوجَها على اليمن.

قال السدي: إن الشيطان أخذ خاتم سليمان، وجلس على كرسيه أربعين صباحًا، وخرج سليمان هاربًا على وجهه يستطعم النَّاس، فكانت هذه فتنته التي ذكرها الله -عَزَّ وَجَلَّ-، ثم إن الشيطان هرب وطرح الخاتم في البحر، وتُصدق على سليمان بحوت، فشق بطنه، فوجد الخاتم فيه، فرده الله إلى ملكه (١).

وروى ابن عباس - رضي الله عنهما -، عن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - وقال: "بينما سليمان يصلي ذات يوم، رأى شجرة، فقال: ما اسمك؟ فقالت: الخرُّوب، فقال: لأي شيء أَنْتَ؟ قالت: لخرابِ هذا البيت، فقال سليمان: اللهمَّ عَمِّ على الجنِّ موتي، حتَّى تعلم الإنس أنَّهم لا يعلمون الغيب، ونحتَ من الخروب عصًا، وتوكأ عليها حَوْلًا وهو ميت، والجن لا تعلم، فأكلتها الأَرَضَة، فسقط" (٢)، وكان جميع عمره اثنين وخمسين سنة، وملك بعده ابنه رخيعم سبع عشرة سنة، ثم افترقت ممالك بني إسرائيل، فملك بعده ابنه إيثائر بعض بني إسرائيل ثلاث


(١) انظر: "تاريخ دمشق" لابن عساكر (١١/ ٩)، و"الدر المنثور" للسيوطي (٧/ ١٨٠).
(٢) رواه الطَّبْرَانِيّ في "المعجم الكبير" (١٢٢٨١)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (٢٢/ ٢٩٦).
قال ابن كثير في "تفسيره" (٣/ ٥٣٠): وفي رفعه غرابة ونكارة، والأقرب أن يكون موقوفًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>