يكون قوله:"إن شاء الله" متصلًا باليمين من غير سكوت بينهما، ولا تضر سكتة التنفس (١).
وشرط أصحاب الشَّافعيّ مع الاتصال نيةَ قولِ المشيئة قبلَ الفراغ من اليمين، وبعضهم شرط أن ينوي قولَها من أول اليمين، وما أعلم وَجْههما؛ من حيث إن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - لم يقيد قولها بنية ولا غيرها، بل لولا المعنى في انفصالها عن اليمين ولو بعد مدة أنَّه يوجب عدم عقد الأيمان ووجوب الكفارة، وإلا لما كان اتصالها بها يشترط من حيث الحديث؛ فإنَّه لم يقيده بالاتصال لفظًا -أَيضًا-.
وقد تمسك به من قال بجواز تأخير المشيئة أبدًا، ومن قال: ما لم يقم من المجلس، ومن قال: أربعة أشهر، لكنها مذاهب مرجوحة، والله أعلم.
واعلم أن المشيئة ترد على أحوال:
الأول: أن ترد إلى الفعل المحلوف عليه؛ كقوله مثلًا: لأدخلنَّ الدار إن شاء الله، وأراد تعليق المشيئة بالدخول؛ أي: إن شاء الله دخولها، فهذا الذي ينفعه الاستثناء بالمشيئة، ولا يحنث إن لم يفعل.
الثاني: أن يرد الاستثناء بالمشيئة إلى نفس اليمين، ولا ينفعه؛ لوقوع اليمين، وتبين مشيئة الله تعالى.
الثالث: أن يذكر على سبيل الأدب في تفويض الأمور إلى مشيئة الله -عَزَّ وَجَلَّ-، وامتثالًا لقوله تعالى: {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (٢٣) إلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الكهف:٢٣ - ٢٤]، لا على قصد معنى التعليق، وهذا لا يرفع حكم اليمين، ولا تعلق للحديث بتعليق الطلاق بالمشيئة.
والفقهاء مختلفون فيه، قالوا: فلو قال: أَنْتَ طالق إن شاء الله، أو: أَنْتَ حر إن شاء الله، أو: أنتِ علي كظهر أمي إن شاء الله، أو: لزيد في ذمتي أَلْف درهم إن شاء الله، أو: إن شفى الله مريضي، فلله عليَّ صوم شهر إن شاء الله، أو ما أشبه ذلك، فمذهب الشَّافعيّ، والكوفيين، وأبي ثور، وغيرهم: صحةُ