للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قولها: "فَأَبَدَّهُ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - نَظَرَهُ"؛ أي: نظر إليه طويلًا.

يقال: أَبَدْتُ فلانًا النَّظر؛ إذا طولته إليه، فكأن أصله من معنى التَّبْديد، الَّذي هو التفريق؛ وكأنَّه - صلى الله عليه وسلم - أعطاه مدَّته من النظر؛ أيْ: حظَّه (١).

وقولُها: "فَقَضَمْتُهُ وطَيَّبْتُهُ"؛ أَيْ: مضغتهُ بأَسَناني وَلَيَّنْتُهُ.

وقولها: "بَيْنَ حاقِنَتي، وذَاقِنتي"؛ الحاقِنَةُ: الوَهْدَة المنخفضة بين الترقوتين من الحلق.

والذاقنة: الذقنُ، وقيل: طرفُ الحلقوم، وقيل: ما ينالُه الذقنُ من الصدر.

والحواقنُ: جمع حاقنة؛ وهي: أسافلُ البطنِ أيضًا، وقيل في الذاقنة: أعالي البطن؛ فكان المراد: بحقن الطعامِ؛ أَيْ: يجمعه (٢)، ومنه المِحْقنة -بكسر الميم-: التي يحتقن بها، ومن كلام العرب: لأجمعنَّ بين حواقنِك، وذواقنِك (٣).

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "في الرَّفيقِ الأَعْلى": يجوزُ أَنْ يكونَ إشارةً منه - صلى الله عليه وسلم - إلى قوله تعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} [النساء: ٦٩]؛ فيكون معناه: الأعلى من نوع البشر.

وقد صنَّفَ السهيلي صاحبُ "الرَّوْضِ الأُنُف" كتابًا في مبهمات القرآن، وذكر أنَّ المُنْعَمَ عليهم؛ الَّذين أُمرنا بسؤال أنْ نهدى صراطهم، في الفاتحة؛ هم: في قوله تعالى: {فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} [النساء: ٦٩]، الآية في سورة النساء (٤).


(١) انظر: "غريب الحديث" للحربي (٣/ ١١٣٦)، و"لسان العرب" لابن منظور (٣/ ٣٩٨)، و"مختار الصحاح" لأبي بكر الرازي (ص: ٢٥٨)، (مادة: بدد).
(٢) في "ح": "جمعه".
(٣) انظر: "غريب الحديث" لأبي عبيد (٤/ ٣٢٢)، و"لسان العرب" لابن منظور (١٣/ ١٧٣)، و"القاموس المحيط" للفيروز أبادي (ص: ١٥٣٧).
(٤) انظر: "التعريف والإعلام فيما أبهم من الأسماء والأعلام في القرآن" للسهيلي (ص: ١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>