عشرة من الهجرة، في خلافة الصديق -رَضِيَ الله عَنْهُ-، وأجمع أهل دمشق الآن على أن قبره بغوطة دمشق بقرية يقال لها: المنيحة، وزرته مرارًا لقصد زيارة الموتى من الصَّحَابَة -رضي الله عنهم- اقتداءً بزيارة قبر الرسول - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه المدفونين ببقيع الغرقد وأحد، ولم يعرف أحد بحوران قبرًا لسعد بن عبادة، فيحتمل أنَّه مات بحوران، ودفن في المنيحة المذكورة، ويحتمل أن المنيحة كانت قديمًا داخلة في حدود حوران، ثم هجرت تلك الحدود، وصارت اليوم هذه الناحية مسماة بالغوطة؛ كالجولان والسواد من أرض حوران (١).
وذكر لي شيخنا العارف القدوة: أبو إسحاق إبراهيمُ بن الشيخ العارف أبي إبراهيم بن عبد الله المعروف والده بابن الأرمني -رحمهما الله تعالى-: أنَّه زار سعدًا مرارًا، وأنه اختلج في نفسه بعض المرات: هل هذا قبر سعد أم لا؟ فأخذته سِنَة، فإذا القبر قد انشقَّ من أعلاه، وإذا برجل طُوالٍ بدويٍّ ملثَّمٍ على كتفه رمحٌ، قد طلع من أعلاه وهو يقول: أنا سعد، قال: فأفقت، وعلمت أنَّه قبره، فقرأت شيئًا من القرآن العظيم، ودعوت وانصرفت، والله أعلم.
قوله:"في نذرٍ كانَ على أُمه"؛ هو نكرة في الإثبات، وهو لا يعم، ولم يبين في هذه الرواية ما كان النذر؟ ولا شك أن العبادات مالية وبدنية؛ فالمالية؛ كالزكاة والكفارة والنذر، والبدنية؛ كالصلاة والصوم، ومشترك بين البدنية والمالية؛ كالحج والجهاد، فاعلم أن المالية يجب قضاؤها من مال الميت، وتدخلها النيابة إجماعًا، وأما البدنية، ففيها خلاف، وهو مشكل دخول النيابة فيها.