للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفي هذا الحديث دليل لقصد الخيرات والتصدق بجميع المال.

وفيه دليل: على المشاورة في النيات والمقاصد لأهل العلم والدين، والشفقة.

وفيه دليل: على أن التقريب إلى الله -عَزَّ وَجَلَّ- بمتابعة الرسول - صلى الله عليه وسلم - تجوز إضافته إليهما، ويؤيد ذلك قوله تعالى: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النساء: ٨٠] وقوله تعالى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} [النساء: ٥٩].

وفي الحديث: "مَنْ يطعِ اللهَ ورسولَه فقدْ رَشَد" (١)، وقول كعب في هذا الحديث: إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقةً إلى الله وإلى رسوله.

وفيه دليل: على أن إمساك ما يحتاج إليه من ماله أولى من إخراجه كله في الصدقة، وقد قسم العلماء ذلك بحسب اختلاف حال الإنسان في صبره، وما يجب عليه من نفقة العيال وغيرهم فيه، فإن كان لا يصبر على الإضاقة، كره له أن يتصدق بكل ماله، وإن كان ممن يصبر، لم يكره، وكذلك إن كان له عيال أو غيرهم ممن تجب نفقتهم، حرم عليه الصدقة بجميع ماله وإضاعتهم، وإلا فلا يحرم.

وفيه دليل: على أن الصدقة محبوبة في محو الذنوب، وقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمر بعض أصحاب الذنوب التي لا حد فيها ولا كفارة بالصدقة، وقال - صلى الله عليه وسلم -: "والصدقةُ تطفىَ الخطيئةَ كما يطفىَ الماءُ النارَ" (٢).

واستدل بعض المالكية بهذا الحديث على أن من نذر التصدق بكل ماله: أنَّه يكتفى منه بالثلث، والاستدلال به على هذا صعب؛ حيث إن اللفظ الذي أتى به


(١) رواه مسلم (٨٧٠)، كتاب: الجمعة، باب: تخفيف الصلاة والخطبة، عن عدي بن حاتم -رَضِيَ الله عَنْهُ-.
(٢) رواه التِّرْمِذِيّ (٦١٤)، كتاب: الصلاة، باب: ما ذكر في فضل الصلاة، وقال: حسن غريب، وابن حبان في "صحيحه" (١٧٢٣)، والطبراني في "المعجم الكبير" (١٩/ ١٠٥٨)، والبيهقي في "شعب الإيمان" (٥٧٦١)، عن كعب بن عجرة -رَضِيَ الله عَنْهُ-. وفي الباب عن غير واحد من الصَّحَابَة -رضي الله عنهم-.

<<  <  ج: ص:  >  >>