للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَفِي لَفْظٍ: "مَن عَمِلَ عَمَلًا لَيسَ عَلَيْه أَمْرُنَا، فَهُوَ رَدٌّ" (١).

اعلم أن هذا الحديث رواه البخاري ومسلم.

وأما قوله: وفي لفظٍ: "من عملَ عملًا ليسَ عليه أمرنا فهو رَدٌّ"؛ فظاهره أنه للبخاري ومسلم -أيضًا-، وقد أضافه شيخنا الحافظ أبو زكريا النواوي -رحمه الله- في "الأربعين" له إلى مسلم خاصة، وأنكر عليه بعض المتأخرين ذلك، وقال: بل رواه -أيضًا- البخاري.

ولا شك أن البخاري ذكره في "صحيحه" معلقًا، والمعلق لا يطلق عليه رواية للبخاري؛ لأن الرواية لا تطلق إلا على المتصل، ولهذا قال شيخنا أبو زكريا -رحمه الله تعالى-: وفي رواية لمسلم، ولم يقل: وفي لفظ، ونحوه من العبارات التي تشعر بوجوده فيه من غير رواية متصلة؛ فإن ذكر اللفظ في الشيء غير ذكر الرواية فيه، فصح ما ذكره تحقيقًا, ولا يصح الإنكار، وعبارة الكتاب محررة في ذلك، لكنها غير مبينة للمراد على إصطلاح المحدثين؛ حيث ان المقصود من ذكره لها: الدلالة لإثبات الروايات، والله أعلم.

وهذا الحديث أحد الأحاديث التي عليها مدار الإِسلام، أو هو نصف الإِسلام، أو ثلثه على ما ذكر فيه؛ لكثرة ما يدخل تحته من الأحكام التي لا تنحصر.

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "فهو رَدٌّ"؛ هو بمعنى المردود؛ إطلاقًا للمصدر على اسم المفعول؛ كأنه قال: فهو باطل غيرُ معتدّ به.

وفي اللفظ الثاني: "من عملَ عملًا" زيادة على مدلول الأول؛ فإنه يشتمل صريحًا على أن إحداث جميع البدع والمخترعات مردود، وهو من جوامع كلمه - صلى الله عليه وسلم -، فإذا عاند بعض المعاندين بفعل بدعة سبق إليها, لم يكن إثمه كإثم


(١) رواه مسلم (١٧١٨)، (٣/ ١٣٤٣)، كتاب: الأقضية، باب: نقض الأحكام الباطلة، ورد محدثات الأمور، وقد ذكره البخاري في "صحيحه" (٦/ ٢٦٧٥) معلقًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>