من أحدثها، وإن كانا اشتركا في الإثم؛ لأن إثم الأول بالإحداث من غير ذكر عمل، وإثم الثاني بالعمل من غير إحداث؛ حيث إن قوله: أنا ما أحدثت شيئًا، صحيح، فيحتج عليه باللفظ الثاني الذي فيه التصريح برد كل المحدثات، سواء أحدثها الفاعل، أو سبق بإحداثها. والله أعلم.
وفي الحديث دليل: على إبطال جميع العقود الممنوعة، وعدم وجود ثمراتها.
وفيه دليل لمن يقول من أهل أصول الفقه: إن النهي يقتضي الفساد، ومن قال منهم: ليس فيه دلالة على ذلك، قال: لأنه خبر واحد، فلا يكفي في إثبات هذه القاعدة المهمة، وهو قول فاسد، نعم، قد يقع الغلط في بعض المواضع لبعض الناس فيما يقتضيه الحديث من الرد؛ فإنه قد يتعارض أمران، فينتقل من أحدهما إلى الآخر، فيكون العمل بالحديث في أحدهما كافيًا، ويقع الحكم به في الآخر في محل النزاع، فللخصم أن يمنع دلالته عليه، فينبغي أن يتنبه لذلك، والله أعلم.
وإنما أدخل المصنف هذا الحديث في باب القضاء؛ حيث إن القضاء في المحاكمات لا ينضبط ولا ينحصر، وهي مردودة إلى الشرع، وفي العادة والغالب لا يجري على مقتضاه، ذنبه بذكره الحديثَ على أن كل ما يجري منها على هذا النحو مردود، إحداثًا وعملًا، والله أعلم.
وفيه دليل: على التمسك بشريعته - صلى الله عليه وسلم - وسنته؛ حيث إن ذلك أمره الذي جاء به، وقام به، وما عداه ليس هو أمره، فهو مردود.
وفيه دليل: على رد الأعمال الباطلة، وإن لم يقصد فعلها, ولا علم حكمها، والله أعلم.