للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السبعين (١)، ويروى: إلى سبع مئة أقرب (٢)، والله أعلم.

[وقد بين - صلى الله عليه وسلم - الحكمة في كونه لا يعطى بمجرد دعواه: أنه لو أعطي بها، لادعى قوم دماء قوم وأموالهم، واستبيح ذلك، ولا يمكن للمدعى عليه أن يصون ماله ودمه، وأما المدعي؛ فيمكنه صيانتها بالبنية.

وفي هذا الحديث دليل لمذهب الشافعي وجمهور العلماء من سلف الأمة وخلفها: أن اليمين على المدعي] (٣). إذا ثبت هذا، فاعلم أنه لا بد من معرفة الكبيرة وتمييزها, ولا بد من ذكر الفرق بين الكبيرة والصغيرة.

أما تعريف الكبيرة؛ فروي عن ابن عباس - رضي الله عنهما -: أنه قال: الكبائر: كل ذنب ختمه الله بنار، أو غضب، أو لعنة، أو عذاب (٤)، ونحو هذا عن الحسن البصري، وقال آخرون: هي ما أوعد الله - عَزَّ وَجَلَّ - عليه بنار، أو حَدٍّ في الدنيا.

وقال أبو حامد الغزالي -رحمه الله- في "البسيط": والضابط الشامل المعنوي في ضبط الكبيرة: أن كل معصية يقدم المرء عليها من غير استشعار خوف وحذار ندم، كالمتهاون بارتكابها، والمستجرئ عليها اعتيادًا، فما أشعر بهذا الاستخفاف والتهاون فهو كبيرة، وما يحمل على فلتات النفس وفترة مراقبة التقوى، ولا ينفك عن تندم يمتزج به تنغيص التلذذ بالمعصية، فهذا لا يمنع العدالة، وليس هو بكبيرة.

وقال الشيخ الإِمام أبو عمرو بن الصلاح -رحمه الله- في "فتاويه": الكبيرة كل ذنب كبر وعظم عظمًا يصح معه أن يطلق اسم الكبيرة، ووصف بكونه عظيما على الإطلاق، قال: فهذا حد الكبيرة (٥).


(١) رواه عبد الرزاق في "المصنف" (١٩٧٠٢)، وابن جرير الطبري في "تفسيره" (٥/ ٤١)، والبيهقي في "شعب الإيمان" (٢٩٤).
(٢) رواه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (٥/ ٤١).
(٣) ما بين معكوفين ليس في "ح".
(٤) رواه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (٥/ ٤١)، والبيهقي في "شعب الإيمان" (٢٩٠).
(٥) انظر: "شرح مسلم" للنووي (٢/ ٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>