للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم لها أمارات:

منها: إيجاب الحد.

ومنها: الإيعاد عليها بالعذاب بالنار ونحوها في الكتاب والسنة.

ومنها: وصف فاعلها بالفسق.

ومنها: اللعن؛ كلعنِ الله مَنْ غيَّرَ مَنارَ الأرض، وقال غيره: تغيير منار الأرض كبيرة؛ لاقتران اللعن به، وكذا قتل المؤمن؛ لاقتران الوعيد به، والمحاربة، والزنا، والسرقة، والقذف كبائر؛ لاقتران الحدود بها، واللعنة ببعضها، فهذا ما يتعلق بتعريف الكبيرة وحَدِّها.

وأما الفرق بينها وبين الصغيرة: فقال الغزالي في "البسيط" في المذهب: إنكار الفرق بين الكبيرة والصغيرة لا يليق بالفقه، وقد فهما من مدارك الشرع.

قال شيخنا أبو زكريا النووي -رحمه الله-: وهذا الذي قاله أبو حامد قد قاله غيره بمعناه، ولا شك في كون المخالفة قبيحة جدًّا بالنسبة إلى جلال الله تعالى، ولكن بعضها أعظم من بعض، وتنقسم باعتبار ذلك إلى ما تكفره الصلوات الخمس أو صوم رمضان، أو الحج، أو العمرة، أو الوضوء، أو صوم عرفة، أو صوم عاشوراء، أو فعل الحسنة، أو غير ذلك مما جاءت به الأحاديث الصحيحة, إلى ما لا يكفره ذلك، كما ثبت في الصحيح، في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ما لم تُغشَ كبيرةٌ" (١).

فسمى الشرع ما تكفره الصلاة ونحوها: صغائر، وما لا تكفره: كبائر، ولا شك في حسن هذا, ولا يخرجها هذا عن كونها قبيحة بالنسبة إلى جلال الله تعالى، فإنها صغيرة بالنسبة إلى ما فوقها, لكنها أقل قبحًا, ولكونها متيسرة التكفير، والله أعلم، هذا آخر كلامه (٢).


(١) رواه مسلم (٢٢٨)، كتاب: الطهارة، باب: فضل الوضوء والصلاة عقبه، عن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - بلفظ: "ما لم يؤت كبيرة".
(٢) انظر: "شرح مسلم" للنووي (٢/ ٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>