قد ساوى بين الاصطياد بالقوس والكلب المعلم، من غير تبيين التعليم المشترط في هذا الحديث ولا غيره.
وقد تكلم الفقهاء في معرفة الكلب المعلم من غيره، فقالوا: المعلم: ما ينزجرُ بالانزجار، وينبعث بالإشلاء، وإذا أخذ الصيد، أمسكه على صاحبه، وخلى بينه وبينه.
وقد يستنبط ما ذكروه أو بعضه من ألفاظ هذا الحديث، إذا جمعت ألفاظه.
والقاعدة تقتضي أن ما رتب عليه الشارع حكمًا، ولم يجد فيه حدًّا: أن يحتاط فيه، خصوصًا المأكولات بالتذكية ونحوها، والله أعلم.
وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "وما صدتَ بكلبكَ غيِر المعلم، فأدركتَ ذكاتَه، فكلْ" قد شرط - صلى الله عليه وسلم - في الكلب غير المعلَّم إذا صادَ أن يدرك ذكاة الصيد.
وهذا الإدراك يتعلق بأمرين:
أحدهما: الزمن الذي فيه الذبح، فإن أدركه ولم يمكن ذبحه، فهو ميتة. ولو كان كذلك لأجل عجزه عما يذبحه به، لم يكن ذلك عذرًا في إباحته.
والثاني: أن يكون فيه حياة مستقرة، فلو أدركه ولم يبق فيه حياة مستقرة؛ بأن أخرج حشوته، أو أصاب نابه مقتلًا، ونحو ذلك، فلا اعتبار بالذكاة حينئذ، هكذا قاله الفقهاء. والله أعلم.
وفي هذا الحديث أحكام:
منها: السؤال عما يحتاج إليه من الأمور المستقبلة.
ومنها: جمع المسائل والسؤال عنها دفعة واحدة.
ومنها: تفصيل الجواب بأما وما.
وفي الكتاب العزيز: في قصة ذي القرنين في آخر الكهف قوله تعالى: {قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا (٨٧) وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى} [الكهف: ٨٧ - ٨٨] الآية.