الأواني، ولا يصح إطلاق الآنية على المفرد، وإطلاقه ليس بصحيح.
وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "فإنْ وجدتُم غيرَها، فلا تأكلوا فيها، فإنْ لم تجدوا غيرَها، فاغْسِلوها، وكلوا فيها"؛ اعلم أن الفقهاء أطلقوا القول بجواز استعمال أواني المشركين إذا غُسلت، ولا كراهة فيها بعد الغسل، سواء وجد غيرها أم لا، وسواء كانوا يتدينون باستعمال النجاسة أم لا.
وللشافعي قول: إنه لا يجوز استعمال أوانيهم إذا كانوا ممن يتدين باستعمالها من المشركين، وأهل الكتاب كذلك؛ فإن منهم من يتدين باستعمال الخمر.
ومن النصارى من لا يجتنب النجاسات، ومنهم من يتدين بملابستها؛ كالرهبان، فحينئذ لا وجه للتفرقة بين من يتدين بها ومن لا يتدين.
وهذا الحديث يقتضي التعطيل في استعمالها وكراهته بين أن يجد غيرها وبين أن لا يجده، ويغسلها ويستعملها إذا لم يجد غيرها.
ولا منافاة بين قول الفقهاء والحديث؛ فإن الاستعمال قد يكون كراهية في الأكل فيها خاصة؛ لأجل الاستقذار والعيافة لا للنجاسة. وقد صرح بذلك في رواية أبي داود قال: وإنما نهى عن الأكل فيها بعد الغسل؛ للاستقذار، وكونها معتادة للنجاسة.
وقد قال الفقهاء: يكره الأكل في المحجمة المغسولة. وقد تكون كراهته لكون الآنية مضافة إلى الكفار من غير استعمال منهم لها قبل غسلها، لكن إذا غسلت، فلا يكره استعمالها؛ لأنها طاهرة، وليس فيها استقذار.
ولم يرد الفقهاء نفي الكراهة عن آنيتهم المستعملة في الخنزير وغيره من النجاسات، ولا شك أن آنيتهم قد تعارض فيها الأصل والغالب.
والحديث جار على مقتضى غلبة الظن؛ فإن الظن المستفاد من الغالب راجح على الظن المستفاد من الأصل.
وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "وما صِدْتَ بقوسِكَ، فذكرتَ اسمَ اللهِ، فَكُلْ، وما صِدْتَ بكلبِك المعلَّمِ، فذكرتَ اسمَ اللهِ، فكلْ".