للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: وهذا مذهب مالك وأصحابه، قال: واختلف القائلون بهذا في كلب الصيد [من] وجوه: هل هو منسوخ من العموم الأول في الحكم بقتل الكلاب؟ وأن القتل كان عامًّا في الجميع، أم كان مخصوصًا بما سوى ذلك؟

قال: وذهب آخرون إلى جواز اتخاذ جميعها، ونسخ الأمر بقتلها، والنهي عن اقتنائها إلا الأسود البهيم.

قال القاضي عياض: وعندي أن النهي أولًا كان نهيًا عامًّا عن اقتناء جميعها، وأنه أمر بقتلها جميعها، ثم نهى عن قتل ما سوى الأسود، ومنع الاقتناء في جميعها إلا كلب الصيد أو الزرع أو الماشية (١).

وهذا الذي ذكره القاضي هو ظاهر الأحاديث الصحيحة، ويخص حديث ابن المغفل الذي ذكرته بما سوى الأسود؛ فإنه عام، فيخص بالحديث الآخر لما نهى عن قتلها. قال: "عليكم بالأسودِ البهيمِ ذي النقطتين؛ فإنه شيطان" (٢).

إذا ثبت ما ذكرناه، فاعلم أن سبب المنع من اقتنائها غير المذكور في الأحاديث من الصيد والماشية والحرث، هو ما فيها من الترويع، وإيذاء المار، ومجانبة الملائكة لمحلها.

ولا شك أن مجانبتهم أمر شديد؛ لما في مخالطتهم من البركات من الإلهام إلى الخير والدعاء إليه.

ولهذا حذر الشارع من كل حالة يلابسها الشيطان من الأمكنة والأزمنة والأفعال والأقوال؛ لما فيها من مجانبة الملائكة وبركتهم.

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "فإنه ينقصُ من أجره كلَّ يوم قيراطان"؛ أما النقصان: فذى الروياني في في "البحر": أنهم اختلفوا في المراد بما ينقص منه، قال: فقيل: ينقص مما مضى من عمله. وقيل: من مستقبله. وقال: واختلفوا في محل نقص


(١) انظر: "شرح مسلم" للنووي (١٠/ ٢٣٥).
(٢) رواه مسلم (١٥٧٢)، كتاب: المساقاة، باب: الأمر بقتل الكلاب، عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه -.

<<  <  ج: ص:  >  >>