وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "وأما الظُّفرُ، فمُدى الحبشةِ"؛ فمعناه: أن الذبح بالظفر شعار لهم، وهم كفار، وقد نُهيتم عن التشبه بالكفار.
وفي هذا الحديث أحكام:
منها: تحريم التصرف في الأموال المشتركة؛ كالغنيمة وغيرها من غير إذن أربابها، وإن قلَّت، ووقع الاحتياج إليها.
ومنها: بيان مرتبة الصحابة -رضي الله عنهم-، وما كانوا عليه من الرجوع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وتقيدهم بأمره وقبوله في كل حالة، حتى في ترك مصالحهم؛ تقربًا إلى الله تعالى.
ومنها: أن للإمام عقوبة الرعية بما فيه مضرتهم؛ من إتلاف منفعة ونحوها، إذا كان فيه مصلحة شرعية.
ومنها: أن قسمة الغنيمة لا يُشترط فيها قسمةُ كل نوع على حدة.
ومنها: مقابلة كل عشرة من الغنم ببعير في قسمة الغنيمة وغيرها تعديلًا بالقيمة، وأنه لا يلزم الرجوع في ذلك إلى تعديل الشرع كما في البدنة أنها عن سبعة.
ومن الناس من أوجب حمله على ذلك، وهذا الحديث يرد عليه.
ومنها: أن ما توحَّش من المستأنس يكون حكمُه حكمَ الوحش، كما أن ما تأنس من الوحش حكمُه حكم المستأنس.
ومنها: جواز الذبح بكل ما يحصل به المقصود من غير توقف على كونه حديدًا بعد أن يكون محددًا.
ومنها: اشتراط التسمية في ذلك أيضًا؛ حيث إنه - صلى الله عليه وسلم - علق الإذن بمجموع أمرين: إنهار الدم، والتسمية، والمعلق على شيئين ينتفي بانتفاء أحدهما.
ومنها: جواز عقر الحيوان النادِّ إذا عجز عن ذبحه ونحوه.
قال أصحاب الشافعي وغيرهم: الحيوان المأكول الذي لا تحل ميتته ضربان: مقدور على ذبحه، ومتوحش.