للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفي رواية "سنن أبي داود" وغيره: "أفنذبح بالمروة؟ " (١).

وهذه الروايات محمولة على أنهم قالوا هذا وهذا وهذا، فأجابهم - صلى الله عليه وسلم - بجواب جامع لما سألوه كله ولغيره نفيًا وإثباتًا، فقال: "كلُّ ما أنهرَ الدمَ وذُكِر اسمُ الله عليه، ليسَ السنَّ والظفرَ".

والمُدَى -بضم الميم وفتح الدال المهملة-: جمع مدية -بضم الميم وكسرها وفتحها، ثلاثُ لغات-؛ وهي السكين، وهي مشتقة من المدى، وهو الغاية؛ لأن بها مدى الأجل (٢).

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "ما أنهرَ الدمَ وذُكر اسمُ الله عليه فكلوه، ليسَ السنَّ والظفرَ".

أما "أنهر" فمعناه: أسال وصبَّ بكثرة، وهو مشبه بجري الماء في النهر.

يقال: نهرَ الدمُ أو أنهرتهُ.

ونقل القاضي عياض عن بعضهم: أن أنهز -بالزاي-، والنهز: بمعنى الدفع.

قال: وهو غريب. والمشهور الذي ذكره العلماء كافة، منهم الحربي: أنه بالراء، والله أعلم (٣).

والحكمة في إنهار الدم في الذبح تمييزُ حلال اللحم والشحم من حرامهما.

أما السنن والظفر؛ فهما منصوبان بالاستثناء بـ (ليس).

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "أما السنُّ، فعظمٌ"؛ أي: فهو عظم، وهو زادُ إخوانِكم من الجنِّ، وقد نُهيتم عن الاستنجاء بالعظام لذلكَ؛ لئلَّا يتنجَّسَ بالاستنجاءِ، فلذلكَ ينجُس بدمِ المذبوح، فلا تذبحوا به.


(١) رواه أبو داود (٢٨٢١)، كتاب: الضحايا، باب: في الذبيحة بالمروة.
(٢) انظر: "مشارق الأنوار" للقاضي عياض (١/ ٣٧٥)، و"النهاية في غريب الحديث" لابن الأثير (٤/ ٣١٠).
(٣) انظر: "مشارق الأنوار" للقاضي عياض (٢/ ٣٠)، و"شرح مسلم" للنووي (١٣/ ١٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>