للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القسم، فيكون اللفظان بمعنى كرر لتغاير الألفاظ، فلا تكون "الواو" للشك، وهو سنة مؤكدة، إذا لم يكن على المقسَم عليه ضرر ولا مفسدة في دين ولا دنيا، فإن كان شيء من ذلك، لم يبر قسمه.

كما ثبت أن أبا بكر الصديق - رضي الله عنه - لما عبر الرؤيا بحضرة النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أصبتَ بعضًا وأخطأتَ بعضًا"، فقال: أقسمتُ عليكَ يا رسولَ الله لتخبرني، فقال: "لا تُقْسِمْ" ولم يخبره (١).

ثم القسم يكون تارة على سبيل اليمين؛ كقوله: "والله لتفعلن كذا"، فهو آكد من غيره في إبراره القسم، وتارة يكون على سبيل التحليف؛ كقوله: "بالله افعل كذا"، فهو دون الأول في تأكيد الإبرار للقسم؛ لأن فيه إيجاب الكفارة على المقسم، وهي تغريم المال، وذلك إضرار به، بخلاف الثاني، فإنه عارٍ عن ذلك، والله أعلم.

ومنها: شرعية نصر المظلوم، وهو من الفروض اللازمة لمن علم ظلم المظلوم وقدر على نصره، ولم يخفْ ضررًا؛ لما فيه من فعل المعروف معه، وإزالة المنكر عن ظالمه.

وقد ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "انصرْ أخاك ظالمًا أو مظلومًا"، قيل: يا رسول الله! أنصره مظلومًا، فكيف أنصره ظالمًا؛! قال: "تمنعُه من الظلم، فذاك نَصْرُكَ إياه" (٢)، وذلك دفع الضرر عن المظلوم في الدنيا، والظالم في الآخرة، والله أعلم.

ومنها: شرعية إجابة الداعي؛ وهي عامة، والاستحباب شامل، ما لم يقم مانع.


(١) رواه البخاري (٦٦٣٩)، كتاب: التعبير، باب: من لم ير الرؤيا لأول عابر إذا لم يصب، ومسلم (٢٢٦٩)، كتاب: الرؤيا، باب: في تأويل الرؤيا، عن ابن عباس - رضي الله عنهما -.
(٢) رواه البخاري (٦٥٥٢)، كتاب: الإكراه، باب: يمين الرجل لصاحبه إنه أخوه إذا خاف عليه القتل أو نحوه، عن أنس بن مالك - رضي الله عنه -.

<<  <  ج: ص:  >  >>