للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد توسع الفقهاء من الشافعية وغيرهم في الأعذار المرخصة لتركها، وعدم الإجابة، وجعل بعضها مخصصا لهذا العموم في إجابة الداعي.

ولا شك أن منها ما يجب أن يكون عذرًا، ومنها ما لا ينبغي أن يكون عذرًا؛ كقولهم: لا تجب إجابة من لا يليق بالمدعو مجالسته؛ لما فيه من نقص مرتبته وتبذله بإجابته؛ لفضله، وهذا إن نقص فضله وعدم قبوله، فالأمر كما قالوه، وإن نقص مجرد الرتبة عادة، لكنه حصل خير وتواضع ومزيد خير أخروي للداعي من غير نقص أخروي أو ضرر دنيوي للمدعو، فلا شك أن هذا مشروع مسنون مؤكد، ولا يكون ذلك عذرًا في عدم الإجابة، ولا مخصصًا للعموم، والله أعلم.

وتقدم الاختلاف في وجوب وليمة العرس، وعدد الولائم الإسلامية في النكاح.

ومنها: إفشاء السلام، وهو إشاعته وبذله والإعلان به لكل مسلم. وقد قال - صلى الله عليه وسلم - في الصحيح: "وتقرأُ السلامَ على مَنْ عرفتَ ومن لم تعرف" (١)، وتعلقت بذلك مصلحة المودة المطلوبة للشرع في إشارته - صلى الله عليه وسلم - في الصحيح في قوله: "أولًا أَدُلُّكُمْ على شيءٍ إذا فعلتُموه تحاَببْتُم؟ أَفْشُوا السلامَ بَيْنَكُمْ" (٢).

والإفشاء يكون: في الابتداء بالسلام ورده، فالابتداء به سنة بالإجماع، والرد فرض بالإجماع، فإن كان المسلَّم عليه واحدًا، تعين عليه الرد، وإن كانوا جماعة، كان فرضَ كفاية في حقهم، إذا ردَّ أحدُهم، سقط الحرج عن الباقين.

واعلم أنه قد وقع الأمر بهذه الأمور السبعة بصيغة واحدة، وبعضها للإيجاب وبعضها للندب.


(١) رواه البخاري (١٢)، كتاب: الإيمان، باب: إطعام الطعام من الإسلام، ومسلم (٣٩)، كتاب: الإيمان، باب: بيان تفاضل الإسلام، وأي أموره أفضل، عن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما -.
(٢) رواه مسلم (٥٤)، كتاب: الإيمان، باب: بيان أنه لا يدخل الجنة إلا المؤمنون، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -.

<<  <  ج: ص:  >  >>